Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

نكبة سائح لبناني

عروضات سياحية مغرية للخارج مع فنادق لمدة اسبوع لا يزيد تكلفتها عن 500 او 600 دولار، ليلة عشاء وفندق لشخصين في لبنان تزيد تكلفتها عن 300 دولار… اسعار ظالمة لطبقة واسعة من الشعب اللبناني غير قادرة على تمضية الوقت خارج المنزل “وتغيير جو” في بلدها الأم، فتفضل السياحة في تركيا او فارنا البلغارية والتعرف على ثقافات واماكن جديدة لا سرقة للمواطن على “عينك يا تاجر”. فسياحة داخلية في لبنان لمدة 5 ايام ستكلف المواطن راتبه الشهري لا بل قد يطلب سلفة على معاشه اذا ما اراد ان يقضي اجازته “يتأمل” ما تبقى من جمال لبنان.

5 ايام بين منتزه ومسبح ووجبات طعام في اماكن مختلفة ( متوسطة الجودة والخدمة) فأنت مضطر لدفع ما يزيد عن 700 دولار اميركي، حتى لو كانت تلك المنتجعات السياحية في مناطق ريفية نائية، فبعض المنتجعات السياحية في مناطق داخلية تبلغ تكلفة الليلة الواحدة فيها للشخص ما يزيد عن 150 دولارا، واذا ما كانت عائلة سيرتفع السعر للضعف، فيما غرفة لا تزيد عن 40 مترا في منطقة البترون يبلغ سعر الليلة الواحدة فيها 90 دولارا، اما المطاعم السياحية فحدث ولا حرج، بالطبع تدخل هنا لعبة اختلاف اسعار وجبات الطعام عن لائحة الاسعار المسجلة، بحجة ان السمك مثلاً يختلف سعره يومياً. هي امور كثيرة ومتتالية تشعر المواطن وكأنه يتنزه في موناكو او في شوارع روما، لا على بعد امتار قليلة من منزله. اماكن سياحية يقصدها المواطن اللبناني للتخفيف قليلاً عن الضغوطات المعيشية يجد نفسه مجبراً على ارتياد اماكن خارجة عن امكانياته الاقتصادية في ظل غياب ثقافة الاماكن العامة المجانية او الحدائق او حتى النوادي. جلال، احد الموظفين الذي لا يزيد راتبه عن 800 دولار اميركي وهو بالكاد يحصل على راتبه بشكل منتظم اعتبر انه كيف يمكن لموظف متزوج ان يخرج مع زوجته لقضاء نهاية الاسبوع خارج العاصمة ودفع ما يزيد عن 200 او 300 دولار اميركي، وفي رأسه فواتير الكهرباء والمولد ودفع مياه بشكل اسبوعي بالاضافة الى ايجار المنزل، وهنا لم نتكلم بحسب جلال عن الطعام والمصاريف اليومية. فبالطبع سأبقى في المنزل ومشاهدة التلفاز، او الذهاب الى القرية، فالسياحة الداخلية هي الى القرية فقط او الذهاب الى مسابح عامة او النهر، لأن في حال ارتدت مسبحا محترما ستبكي بالطبع من غلاء الاسعار. الخبير الاقتصادي د.جاسم عجاقة رأى ان الأسعار للسياحة الداخلية خارج عن المنطق خصوصاً لذوي الدخل المحدود، فوجبة غداء في احد المطاعم لعائلة تضاهي نصف راتب موظف، لا بل ستزيد في بعض المطاعم التي تعتبر وجبة الطعام فيها لعائلة للاغنياء فقط!

النوعية لا الكمية

وبحسب عجاقة، بعض المطاعم والمنتجعات السياحية هدفها النوعية لا الكمية، بينما رفع السعر في الاماكن الشعبية 5 آلاف ليرة فقط سيؤثر طبعاً على الطبقة الفقيرة، فيما تلك الزيادة ستؤثر على صاحب المطعم او المنتجع وستزيد من ربحه اليومي. واعتبر عجاقة ان عدد اللاعبين الاقتصاديين صغير جداً ما يمنع المنافسة ويفرض نوعا من الاحتكار السياحي، بينما كان لتداعيات السلامة الغذائية تأثير كبير على عدد من المطاعم. وحول السياحة الداخلية اعتبر عجاقة ان هناك غيابا لسياسة واضحة من قبل الدولة لدعم تلك السياحة خصوصاً الثقافية منها. فعلى سبيل المثال هناك العديد من الاماكن السياحية لها طابع ثقافي لا يعلم 9

اسعار الفنادق

وللحديث عن القطاع السياحي لا بد من التطرق الى اسعار الفنادق التي يراها البعض خيالية، بينما اصحاب تلك الفنادق يعتبرونها مقبولة بالنسبة لبعض الدول المجاورة. فأسعار بعض الغرف كانت قبل سنوات ضعف السعر الحالي، فيما تردي الوضع الاقتصادي وتراجع نسبة السياح الاجانب دفعا العديد من الفنادق الى تخفيض الاسعار. فالازمات السياسية والامنية والاقتصادية قضت على القطاع السياحي ما يضطر البعض لرفع الاسعار ولكن تبقى مقبولة بالنسبة للسنوات السابقة. رئيس نقابة اصحاب الفنادق في لبنان بيار الاشقر رأى في حديثه لـ”البلد” ان الاسعار في تراجع مستمر والازمة الحالية يزيد عمرها عن خمس سنوات. فالسائح لا يبحث عن السعر بل عن الجودة والنوعية. فبعض الفنادق في المناطق الداخلية تزدحم في موسم الصيف رغم تراجع الموسم بشكل كبير بسبب الاوضاع السياسية والتي تعتبر اخطر من الاوضاع الامنية. ففي سنة 2006 بعد انتهاء حرب تموز عاد السياح العرب والاجانب الى لبنان.

صرخة المؤسسات السياحية

واعتبر الأشقر ان الفنادق الصغيرة والمميزة في بعض المناطق الجبلية تقدم خدمة جيدة وبمبالغ مرتفعة نوعاً ما بالنسبة لفئة كبيرة من المجتمع. فالليلة تساوي تقريباً 250 دولارا اميركيا وذلك يعود لأسباب عديدة اهمها فاتورة الكهرباء والماء التي تدفع مرتين بالاضافة الى بعض المسابح التي تضطر الى شراء المياه لأن مياه الدولة تكون مالحة ما يتسبب بخسائر خصوصاً عند تعطيل “فلتر” المياه وهو ما حدث عند بعض المنتجعات السياحية التي اجبرت على تغيير 4 مصافي مياه بمبلغ يزيد عن 15 الف دولار والسبب الرئيسي كانت نسبة الملح المرتفعة في المياه. واضاف الأشقر انه لا يمكن مقارنة تلك المنتجعات الموسمية واسعارها بباقي الفنادق التي تعمل على مدار السنة. فالبعض يكون عمله فقط في موسم الصيف وهو بحاجة لعدد من الموظفين لتأمين خدمة جيدة. فالسعر سيكون مرتفعاً قليلاً ولكن رغم ذلك فالعديد من المنتجعات السياحية ما زالت تعمل لأنها ببساطة، اما تستمر في العمل والسعر المرتفع قليلاً ام الموت لهذا القطاع، وبالطبع من يؤمن بهذا البلد فسيناضل من اجل البقاء. داني وهو مدير مطعم في عاليه، اعتبر ان رغم زحمة السير الدائمة والضغط على المطاعم في عاليه الا ان الوضع في تراجع مستمر حيث ان عددا كبيرا بات يفضل تناول العشاء في المنزل والذهاب الى المقهى من اجل النرجيلة والحلوى وبعض المكسرات لا اكثر، والازمة كل سنة تعتبر اسوأ من قبلها بسبب الاوضاع الامنية للدول المجاورة والضغوطات الاقتصادية والمعيشية في لبنان.

رابط البلد 

Print Friendly, PDF & Email