Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

الأزمة الإقتصادية..مخارج مطلوبة

أدّت الحسابات الطائفية والحزبية الضيقة إلى تعطيل كل سياسات الإنماء الاجتماعي والإقتصادي في لبنان، وذلك منذ إنشاء الدولة اللبنانية وحتى يومنا هذا. على هذا الصعيد تمّ إلغاء وزارة التصميم والتخطيط لحساب خلق مجلس الإنماء والإعمار، إلا أن النتيجة بعد 40 عاماً على إنشاء هذا الصندوق هو تراجع حاد في الماكينة الإقتصادية بطريقة لا تتماشى مع أهداف إنشائه.

الحرب الأهلية والإنقسام الطائفي الكبير الذي شهده لبنان إبان تلك الفترة، أدّيا إلى تغيير في هيكلية الحكومات حيث تمّ إلغاء وزارة التصميم والتخطيط في العام 1976 في عهد حكومة الرئيس الصلح. وفي كانون الثاني من العام 1977 تمّ إنشاء مجلس الإنماء والإعمار والذي نصت مهامه على “اعداد خطة عامة، اعداد مشروع الموازنة المختصة بتنفيذ الخطة العامة، اقتراح مشاريع القوانين ذات الطابع الاعماري والانمائي، وضع مشروع الاطار التوجيهي العام للتنظيم المدني واعداد الدروس لمشاريع الانماء والاعمار”. الحرب التي عصفت بلبنان منذ إنشاء مجلس الإنماء والإعمار وحتى نهاية الحرب الأهلية في العام 1990 شكّلت العقبة الأساسية أمام مجلس الإنماء والإعمار للقيام بمهامه. إلا أن الفترة المُمتدّة منذ العام 1990 وحتى يومنا هذا لم تشهد أيضاً أي إنجازات كبيرة لهذا المجلس. وهذا ما يُمكن إستنتاجه من خلال مشاريع الموازنات المطروحة. فبحسب مرسوم إنشاء مجلس الإنماء والإعمار، يتكفّل هذا المجلس بـ”إعداد مشروع الموازنة المختصة بتنفيذ الخطة العامة وتأمين التناسق بين الموازنة العامة والخطة العامة عن طريق ابداء الرأي في مشروع قانون الموازنة العامة”. إلا أن الواقع مُغاير لهذا الأمر، حيث أن مشاريع الموازنات التي من المفروض أن تكون ترجمة للخطة الإقتصادية للحكومة (والتي هي من مهام مجلس الإنماء والإعمار) يتمّ تحضيرها بالكامل في وزارة المالية مع غياب كلّي لمجلس الإنماء والإعمار الذي أخذ دور المُنفذ للمشاريع (تحضير دفتر الشروط والإشراف على التنفيذ). بالطبع ما وصلت إليه حالة الإقتصاد اللبناني اليوم هو نتيجة لغياب السياسات الإقتصادية الحكومية. فكل وزير تعاقب على وزارته سعى إلى إنماء منطقته من دون أن يكون هذا المسعّى مُنخرط ضمن سياسة شاملة تسمح بالإستمرارية بين الوزراء. اليوم الماكينة الإقتصادية اللبنانية هي ماكينة عجوز وشبه عاجزة عن تأمين أكثر من 1

Print Friendly, PDF & Email