Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

تفاح لبنان “فرق” حسابات سياسية… والحل “برازيلي”؟

حتى تفاح لبنان دخل معادلة السياسات الجزائية، التي تطبقها بعض الدول على بلدٍ كان حجم خياراته السياسية أكبر بكثير من قدراته الاقتصادية. فتحت حجة الـ”جودة” خفّضت الدول العربية كميات استيرادها من التفاح اللبناني الذي يعاني بالأساس من أزمة فائض سنوي يعادل 35 ألف طن، ما زاد من شراسة أزمة تصريف الناتج المحلي السنوي المقدر بـ160 ألف طن، وهدّد آلاف البيوتات اللبنانية المعتاشة من هذه الزراعة بلقمة عيشها ومردودها المالي السنوي الذي راح بدوره “فرق عملة” في حسابات الاقتصاص السياسي من لبنان.

يُقدّر الإنتاج السنوي من التفاح اللبناني بـ 160 ألف طن، يستهلك لبنان منها ما يقارب الـ 7 آلاف طن، يصدّر 57 ألف طن، ويستورد 1,700 طن، بينما يبقى سنوياً فائض إنتاج يُقدّر بـ 35 ألف طن. ما يجعل من معاناة مزارعي التفاح أزمة سنوية تتكرر مع كل موسم بوجوه مختلفة كان أشرسها وأشدها وقعاً على الاقتصاد الزراعي أزمة العام الحالي 2016، بعد أن قلّصت الدول العربية استيرادها للتفاح اللبناني بنسب كبيرة عوّمت أزمة التفاح على سطح الأزمات المستحدثة على الساحة اللبنانية وسلّطت الأضواء السياسية والإعلامية عليها بشكل ملحوظ لم يخلُ من المزايدات وارتجال المواقف المتضامنة.

نسب الاستيراد والتصدير للوقوف على تفاصيل هذه الأزمة، أرقامها، أسبابها، أبعادها، وحلولها، كان لـ”البلد” حديث مع الخبير الاقتصادي والاستراتيجي البروفيسور جاسم عجاقة. الذي قال: “يصدّر لبنان 57 ألف طن من التفاح سنوياً تتوزع على الدول العربية كما يلي: مصر تستورد من لبنان تفاحا بقيمة 8,8 مليون دولار سنويا، السعودية 1,24 مليون دولار، الكويت 698 ألف دولار، الأردن 506 آلاف دولار، سلطنة عمان 397 ألف دولار ، العراق 355 ألف دولار، الدول الأخرى مثل قطر والإمارات العربية المتحدة تستورد بقيمة 180 ألف دولار، السودان 81 ألف دولار، وسورية 9 آلاف دولار. ويُرتجع إلى لبنان من التفاح الذي يصدّره كمية بقيمة 3 آلاف دولار. بينما يستورد لبنان 1700 طن من التفاح سنوياً (من إيطاليا بقيمة 976 ألف دولار، من فرنسا 243 ألف دولار، من تشيللي 123 ألف دولار، من نيوزيلاندا 45 ألف دولار، من الولايات المتحدة الأميركية 41 ألف دولار، ومن هولاندا بقيمة 4 آلاف دولار).

أسباب الأزمة ويلخص عجاقة الاسباب الرئيسية لبروز الأزمة هذا العام بتخفيض مصر (المستورد الأساسي للتفاح اللبناني) استيرادها من 8,8 مليون دولار سنويا إلى ما يعادل الـ4,4 مليون دولار أي ما يقارب نصف الكمية التي كانت تستوردها مصر في السنوات السابقة، والسعودية كذلك الامر خفضت استيرادها من 1,24 مليون دولار في الـ2015 إلى ما يوازي الـ800 ألف دولار في الـ2016، ولحقتهما بسياسة التخفيض تلك كل من الأردن والكويت والعراق وباقي الدول العربية. ويضع عجاقة الاسباب التي دفعت الدول العربية لتخفيض استيرادها من تفاح لبنان في خانة الاعتبارات السياسية المعينة لدى هذه الدول مثل مذهبة التفاح اللبناني، وخيارات لبنان السياسية. ويورد ارقاماً لتوزيع الانتاج المحلي السنوي للتفاح على المناطق اللبنانية ليدحض هذا الاعتقاد الخاطئ، كون التفاح اللبناني لا يتبع مذهبا معينا بل يتوزع إنتاجه على مناطق تتداخل فيها الطوائف والمذاهب المختلفة. فتُنتج محافظة لبنان الشمالي 23 في المئة من الإنتاج السنوي للتفاح، بعلبك الهرمل تُنتج 22 في المئة، محافظة البقاع تُنتج 12 في المئة، عكار 13 في المئة، جبل لبنان تنتج 26 في المئة، النبطية 2 في المئة، ومحافظة الجنوب 2 في المئة من الإنتاج العام الذي يُقدر مجموعه بـ160 ألف طن سنوياً. علماً أن السياسات الحكومية اللبنانية بما يخص القطاع الزراعي هي “سياسات غير ملائمة” أيضاً، فمن مهمة الحكومة توجيه السياسات الزراعية وتحديد كمية المزروعات بما يتناسب مع حاجة السوق والتصدير.

حلول عاجلة وآجلة وانطلاقاً من أن الدول التي توجهت لتخفيض استيرادها ليست بوارد إعادة زيادته في المستقبل، تقتصر الحلول اليوم لموسم تفاح هذا العام، كما يرى عجاقة على زيادة الاستهلاك الداخلي أقله بنسبة 20 في المئة، ما يقلص الفائض الناتج من خفض الاستيراد إلى 20 ألف طن تُضاف إلى الـ35 ألف طن التي تزيد سنويا من الإنتاج المحلي. وعلى توجّه الحكومة لدعم التفاح كما تدعم القمح والتعويض على المزارعين، ما قد يقلص من حجم خساراتهم. أما في ما يخص الحلول المستقبلية، فقد علمت “البلد” من مصادر مطلعة بأن وزير الاقتصاد آلان حكيم قد التقى السفير البرازيلي في لبنان وبحث معه آلية تصدير التفاح اللبناني إلى البرازيل، ما يجعل من بوابة التصدير إلى البرازيل حلاً لأزمة التفاح في العام القادم. رابط البلد 

Print Friendly, PDF & Email