Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

ماذا لو لم تُقر القوانين المالية خلال أسبوعين؟

نوال الأشقر

بعدما وقّع لبنان على اتفاقية “فاتكا” قبل عامين أو قانون الإمتثال الضريبي على حسابات الأميركيين الخارجية، ينتظر النظام المالي العالمي من لبنان توقيعاً مماثلاً على قانون “غاتكا”، لمكافحة التهرب الضريبي على الحسابات العالمية. والسؤال ماذا لو لم يستطع لبنان عقد جلسة تشريعية وإقرار التشريعات الضريبية نهاية الشهر الحالي؟ هل ستكون العواقب وضع لبنان على اللائحة السوداء؟

اتفاقية “غاتكا “هي قانون “فاتكا” ولكن بصيغة موسعة، يتيح للمنظومة الدولية الحصول على ما تريده من معلومات عن الحسابات الأجنبية المودعة في المصارف اللبنانية، لمنع مواطني هذه الدول من التهرب من دفع الضرائب، وبشكل فوري، وهنا تكمن الإشكالية في إلزامية التبادل التلقائي للمعلومات الضريبية ، يوضح الخبير الإقتصادي الدكتور جاسم عجاقة لـ “لبنان 24″، “فمنظمة التعاون الإقتصادي والتنمية (OECD) تفرض إلزامية التبادل التلقائي للمعلومات الضريبية، وفقاً للقانون تتقدم وزارة المال للدولة المعنية من وزارة المال في لبنان بطلب للإستعلام عن حسابات أحد مواطنيها ، ولكن وزارة المال اللبنانية لا تملك الحق بالاطلاع على الحسابات بسبب قانون السرية المصرفية الذي لا يُلغى سوى بقانون صادر عن مجلس النواب، وعليها أن تحيل الطلب إلى هيئة التحقيق الخاصة الموجودة في مصرف لبنان وهي الجهة الوحيدة التي تملك صلاحية رفع السرية المصرفية ، والمخولة تسليم المعلومات، تدرس الهيئة الطلب في ظل توافر شرطين هما وجود ملاحقة قانونية قضائية للشخص المطلوب الإستعلام عنه، ووجود مؤشرات واتهامات جدية، وبالتالي إرسال المعلومات لا يتم بشكل تلقائي كما تطلب القوانين الدولية بسبب نظام السرية المصرفية ” . هذا المنطق لا يستقيم يضيف عجاقة “فكيف يمكن لأيّ دولة الحصول على معلومات من المصارف اللبنانية عن حسابات مواطنيها، فيما وزارة المال اللبنانية التي تسلم هذه المعلومات لا يحق لها الإطّلاع عليها أو الحصول على معلومات مماثلة عن أشخاص تشتبه بتهربهم من دفع الضرائب. أمّا عن نوعية المعلومات التي قد تطلبها الدول من لبنان، فهي نوعان واحدة تعريفية عن الشخص، وأخرى مالية حول أرقام حساباته في المصارف اللبنانية، وقيمتها، والأرباح التي يستحصل عليها سنوياً”. لبنان الذي وقع تعهداً بالإنضمام إلى المنتدى العالمي ( Global Forum ) والذي انبثق منه قانون غاتكا ، ملزم بتقديم المعلومات المالية إلى الدول المنظوية في النظام تحت طائلة وضعه على اللائحة السوداء لمنظمة التعاون الإقتصادي للتنمية، أي تصنيفه بالدولة غير المتعاونة ضريبياً . وكان عليه الإنتقال إلى المرحلة الثانية من نظام غاتكا في أيلول الماضي، أي إقرار مشاريع القوانين الضرورية لكي يتمّ التوقيع على الإتفاقية، وبسبب الوضع السياسي وعدم امكان فتح دورة استثائية للمجلس النيابي، طلب لبنان من خلال وزارة المال وحاكم مصرف لبنان تمديد المهلة ، فمُنح فترة شهر إضافي أي نهاية الشهر الحالي، وبرأي الخبير الإقتصادي الدكتور جاسم عجاقة كون المصارف اللبنانية أثبتت حسن نواياها في التعامل مع القوانين المالية العالمية، كالقوانين المتعلقة بمكافحة تبيض الأموال ودعم الإرهاب وقانون فاتكا، قد تُمدد المهلة حتى شباط المقبل وهو تاريخ اجتماع الدول المنظوية في هذه المجموعة ، ولكن في حال لم يتمكن المجلس النيابي من الإلتئام في جلسة تشريعية ، وفَشِل بالتالي في إقرار القوانين المالية حتى حزيران المقبل، ستكون النتيجة بالتأكيد وضعه على اللائحة السوداء . أضاف عجاقة ” لبنان الذي أُدرج في اوائل التسعينات على اللائحة السوادء اختبر تداعياتها السلبية، بحيث يصبح التعامل المالي مع لبنان غير آمن، وتُفرض قيود وصعوبات على كل التعاملات المصرفية وعمليات تحويل الأموال من وإلى لبنان، ومن التداعيات أيضاً رفض الإستدانة من الخارج أو رفع الفائدة في أحسن الأحوال “. إذن على قاعدة “مكرهٌ أخاك لا بطل” يجد لبنان نفسه ملزماً بالتشريعات المالية العالمية، التي تعزز مصداقيته وشفافيته أمام المنظومة المالية العالمية، وتفقده في الوقت نفسه ميزة السرية المصرفية التي باتت تمثل الملاذ الآمن لأعمال مشبوهة في زمن “فاتكا” و”غاتكا ” .

رابط لبنان ٢٤ 

Print Friendly, PDF & Email