Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

«لتحترق أشجار لبنان».. قصة انتهاك الاحتلال لبلاد الأرز

محمد عطية

لا يتوقف الاحتلال الإسرائيلي بين حين وآخر عن انتهاك السيادة اللبنانية سواء بطائراته جوًا أو سفنه الحربية بحرًا أو قواته البرية، كما لا يتوقف عن محاولة اختراق بلاد الأرز بوسائل التجسس والعملاء، لنشهد كل فترة وأخرى إعلان عن سقوط شبكة جديدة من مأجوري الموساد وغيره من أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.   وكان آخر تجليات هذا – انتهاك البحرية الإسرائيلية اليوم الأربعاء للسيادة اللبنانية من خلال الدوريات التي يقوم بها داخل المياه الإقليمية اللبنانية، حيث أعلنت مديرية التوجيه بالجيش اللبناني، أن زورقًا حربيًا إسرائيليًا خرق مياه بيروت الإقليمية مقابل منطقة رأس الناقورة لمسافة 290 مترًا ولمدة 3 دقائق.   العقيدة اليهودية تدعو لاحتلال لبنان لكن لماذا تستمر إسرائيل في انتهاكاتها للسيادة اللبنانية؟ – من واقع أدبيات وعقائد اليهود الدينية يظهر لبنان كأرض يطالب الإسرائليون باحتلالها وإحراقها واختراق مدنها، ومن بين الفقرات التي احتواها العهد القديم – “الكتاب المقدس” لدى اليهود -“افتح أبوابك يا لبنان فتأكل النار أرزك” وعبارة أخرى “كل مكان تدوسه بطون أقدامكم يكون لكم، من البرية ولبنان” وغيرها من الفقرات.   وفي ظل هذه الدعوات، تنفذ إسرائيل وأجهزتها وجيشها عمليات الانتهاك التي لم تتوقف في أي فترة، ففي نوفمبر 2013، كشف رئيس مجلس النواب اللبناني “نبيه بري” عن محطات تجسس متطورة نشرها الاحتلال على طول حدود الدولة الجنوبية،  لافتًا إلى أن هذه المحطات مرتبطة بتل أبيب عبر أجهزة وضعت في جبل الشيخ ومزارع شبعا. وطالب وقتها البرلماني اللبناني عبد المجيد صالح، حكومة بيروت إلى “فضح المؤامرة الإسرائيلية في كل المنابر الدولية القادرة على إيقاف هذا العدوان بحق لبنان”، مضيفًا في تصريحات إعلامية، أن العدو الإسرائيلي تخطى كل الخطوط الحمراء عبر بناء أبراج تجسس تكشف كل لبنان وجيشه ومقاومته”. رادارت مجهزة بأشعة ليزر احتوت الأجهزة المكتشفة على رادارات مُجهزة بأشعة ليزر تلتقط جميع الموجات، وتكتشف كل أنواع البث، حسب مستشار وزير الاتصالات وقتها أنطوان الحايك، الذي لفت حينئذ إلى أن وزارته تعمل على إعداد ملف حول الموضوع بعد تشويش غير مُبرر على شبكات الهاتف النقال بجنوب لبنان والذي جرى قبل شهور، وقامت على إثره الوزارة بإرسال لجنة تقصي، وأجرت بحوثًا على الترددات التي حصلت عليها واكتشفت عملية التجسس.   بدوره حذِّر العميد المتقاعد محمد عطوي وقتها من أنه إلى جانب رصد الاتصالات – رُكبت كاميرات تصوير ذات حساسية مرتفعة وعالية الدقة، قادرة على تصوير أدق التفاصيل والتقاط كل الأصوات، ثم أرسلت إلى طائرات الاستطلاع أو إلى قيادة الجيش الإسرائيلي”، لافتًا إلى وجود 3 حلول لمواجهة هذا التعدي، أولها “تجهيز الجيش اللبناني بمعدات إلكترونية عالية التقنية للتشويش على المعدات الإسرائيلية، وهو ما ليس ممكنًا – لأن الدول الغربية التي تصنع هذه المعدات لا تزود لبنان بها خاصة في مواجهة إسرائيل”. والحل الثاني “رفع شكوى إلى الأمم المتحدة، لكن الأمر لن يجدي نفعًا بحسب عطوي”، لأن المنظمة الدولية لم تكن يومًا في صف لبنان ضد إسرائيل، وثالث الحلول “استهداف الكاميرات من قبل سكان المناطق الحدودية ببنادق صيد”. ضربة قوية لشبكات التجسس العام الماضي ألقي القبض أيضًا على شبكة تجسس مؤلفة من سوري ولبنانيين اثنين يعملان لحساب إسرائيل في جنوب البلاد، وتمت إحالة شبكة التجسس للقضاء، ووصفت حكومة لبنان الاعتقال عندئذ بأنه “ضربة قوية لشبكات التجسس الإسرائيلية في البلاد”. وأعلن الأمن العام في بيان له أنه بالتحقيق مع المشتبهين، اعترف الموقوفون بما نسب إليهم، وأنهم قاموا وبتكليف من مشغليهم بجمع معلومات عن شخصيات وأهداف أمنية وعسكرية من أجل استهدافها لاحقًا، وبتصوير طرقات ومسالك وأماكن حساسة داخل مناطق الجنوب، وإرسال الأفلام إلى مُشغليهم لاستثمارها في اعتداءات لاحقة”. وفي نوفمبر من نفس العام، سلمت قوات الطوارئ الدولية العاملة بجنوب لبنان (يونيفيل) أحد موظفيها إلى الجيش اللبناني بعد اتهامه بالعماله لإسرائيل، وقالت القوات في بيان لها: إنه “بعد دراسة المعلومات المقدمة من قبل السلطات اللبنانية، قرر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بأن الادعاءات ضد الموظف المدني لدى اليونيفيل لا تبدو مرتبطة بعمله، ووفقًا لهذا فإن الحصانة من أي ملاحقة قانونية لا تطبق في هذه الحالة”.  جهاز تنصت في شكل صخرة  في ديسمبر 2015 – تم ضبط جهاز تنصت إسرائيل بمنطقة سهل الخيام اللبنانية من قبل عمال كانوا يقومون باستصلاح الأرض، وقالت مصادر أمنية وقتها: إن “الجهاز كان مزروعًا بحيث يظهر على أنه صخرة ومموه ليتناسب مع لون الأرض، وتم ربطه بغرفة عمليات إسرائيلية”. العام الذي سبقه 2014 شهد أيضًا إيقاف منظمة حزب الله اللبنانية -والتي تملك جهازًا خاصًا بمكافحة التجسس- أحد مسؤوليها بتهمة العمالة لتل أبيب، وكان الموقوف يتولى مهام التنسيق في الوحدة المسؤولة عن العمليات الأمنية التي ينفذها الحزب خارج بيروت. وقبل شهور وبالتحديد في مارس من هذا العام، ضربت “بلاد الأرز” فضيحة جديدة والمتعلقة بتعرض الإنترنت للقرصنة والتجسس من شركات إسرائيلية؛ وكان الخطير في الأمر هو ما دلت عليه التحريات عن استخدام القصر الجمهوري ومجلس النواب ودوائر بالجيش اللبناني لهذا الإنترنت، وبعدها بشهور بالتحديد في سبتمبر الماضي، قام الاحتلال الإسرائيلي باختراقٍ جديد للسيادة اللبنانية، وذلك بعد رصدَ بيروت لجهاز تجسس داخل الأراضي اللبنانيةِ المحررة في محاذاة منطقة مزارعِ شبعا المحتلة. استخدام نسر مزود بأجهزة متطورة  استخدمت إسرائيل، في يناير الماضي، نسرًا للتجسس على لبنان عبر تزويده بأجهزة متطورة، وأمسك المواطنون الطائر بمدينة بنت جبيل في عملية جاءت بإشراف قوات الأمم المتحدة، وكان النسر قد دخل إلى عمق 4  كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية. وبعيدًا عن عمليات التجسس لا تتوقف تعديات تل أبيب للمجال الجوي والبحري والبري اللبناني، ففي مارس هذا العام  انتهكت طائرتان حربيتان تابعتان للجيش الإسرائيلي الأجواء اللبنانية من فوق بلدة رميش، و نفذا طيرانًا دائريًا فوق المناطق اللبنانية كافة، ثم غادرا الأجواء من فوق بلدة الناقورة الحدودية باتجاه الأراضي المحتلة. وأضاف بيان للجيش اللبناني أنه بالتزامن مع الخرق الإسرائيلي الجوي، أقدم زورق حربي تابع لبحرية تل أبيب بخرق المياه الإقليمية لبيروت مقابل رأس الناقورة الجنوبية الحدودية لمسافة 520 مترًا، أما في مايو 2009 اخترقت 4 طائرات حربية إسرائيلية الأجواء اللبنانية من فوق بلدة كفر كلا الجنوبية، مُنفذة طيرانًا دائريًا فوق مختلف المناطق اللبنانية، ثم غادرت من فوق بلدة علما الشعب. طائرات الاحتلال تخترق السيادة اللبنانية في سبتمبر 2008 اخترقت طائرات مماثلة سيادة لبنان وحلقت من فوق بلدة علما الشعب، ثم غادرت من فوق بلدة رميش باتجاه الأراضي المحتلة. وتأتي سرقة الاحتلال الإسرائيلي للغاز اللبناني كركن آخر من أركان انتهاك واستباحة أراضي الغير؛ حيث حذرت هيئة “إدارة البترول” اللبنانية حكومة بيروت من إمكانية شفط تل أبيب الموارد النفطية اللبنانية.   وفي تصريحات لجريدة السفير اللبنانية قال نبيه بري رئيس البرلمان: إن “النفط اللبناني في خطر حقيقي من الجانب الإسرائيلي”، موضحًا أن تل أبيب ماضية في تخطيطها وسعيها لسرقة ثروتنا النفطية والاعتداء على سيادتنا وحقوقنا، وهو خطر يزداد يومًا بعد يوم، وتضيق الخيارات أمام مواجهته، بحيث لم يعد يملك لبنان ترف المزيد من التأخير”.   وكان الخبير الاقتصادي اللبناني جاسم عجاقة قد حذر في تصريحات سابقة، أن “إسرائيل  قامت بالاستيلاء على نحو 840 كم مربع من المياه الإقليمية اللبنانية”، لافتًا إلى أن موقف الحكومة واضح؛ وهو  عدم إجراء مفاوضات مباشرة مع الاحتلال في هذا الشأن”. 

Print Friendly, PDF & Email