Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

موسم الأعياد… تحسّن ملحوظ “ونقّ” التجار على حاله

موسم عيدي الميلاد ورأس السنة لهذا العام ليس أفضل حالاً بكثير من السنوات السابقة، حيث ان “نق” التجار لم يختلف كثيراً عن السنوات الماضية، فـ”ترحّم” اصحاب المحال التجارية على “سوء” حركة البيع في السنة الماضية أمام الواقع “الأسوأ” الذي تعيشه حركة الاسواق هذا العام، على الرغم من التنزيلات الحقيقية لا الوهمية، والتي وصلت حتى 70 بالمئة في بعض المحلات، فعُرضت البضائع التي كانت تُباع بسعرها الأعلى في مواسم الأعياد بأسعار لامست أسعار شهر التسوق، الا ان “نق” التجار لا يقتنع به الاقتصاديون باعتبار ان الحركة الاقتصادية تحسنت بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، فنتيجة الاستقرار السياسي زاد النشاط التجاري بنسبة 10

زحمة السير الخانقة والتي يعاني منها اللبناني في هذه الفترة من السنة قد تكون خير دليل على تحسن القدرة الشرائية للمستهلك… ساعاتٍ أمضيناها ونحن في طريقنا لزيارة بعض الاسواق التجارية في بيروت، زحمة سير خانقة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من مواسم الأعياد، دون ان تترجم ايجابيا على حركة التجار الذين جمعهم ميزان الخسارة، فمنذ سنوات عدّة أصبح تراجع الحركة التجارية سمةً للقطاع التجاري، ولم تستطِع التنزيلات والعروضات وزينة الميلاد على اختلاف انواعها ان تجذب المستهلك اللبناني إلا “للتفرج” بعد أن بات كلّ همه تأمين أولويات حياته من طعام ودواء وتعليم، في ظل أزمة طالت كل المستويات من دون استثناء، في ظل غياب بعض المؤسسات التجارية بدفع المستحقات للموظفين لديها. رغم ذلك فان المشاهدات الميدانية لا تعطي انطباعا سلبيا عن الحركة التجارية. وبحسب الخبير الاقتصادي د. جاسم عجاقة فبعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية زاد النشاط الإقتصادي بنسبة 1 تحسن ملحوظ ويشرح عجاقة الحركة الاستهلاكية عبر ثلاثة محاور، فالطبقة الفقيرة والتي تزيد نسبتها عن 30 “كنا هيديك السنة عم نشكي… هالسنة عم نبكي” هذا لسان حال معظم أصحاب المحال التجارية على اختلافها في لبنان. فلم تقدر التنزيلات وزينة الأعياد على تنشيط الحركة في الاسواق التجارية التي تعاني من الركود المتواصل للسنة الرابعة على التوالي، بينما اختلف مفهوم اسباب الركود بين تاجرٍ وآخر، فبعضهم عزا الموضوع إلى الأوضاع الأمنية التي تشهدها المنطقة ككل والتي كان للبنان نصيبه منها، والذي على أساسه بات المواطن اللبناني “عم يخبّي قرشه الأبيض ليومه الأسود” لأنه لا يعرف ماذا يخبئ له الاهتزاز الامني من ازمات لاحقة تترجم اقتصادياً ومعيشياً. وبعضهم الآخر عزا الأزمة إلى طبقة سياسية مهترئة فشلت في أن تنأى ببلدٍ صغير مثل لبنان عن النيران التي تستعر من حوله ما أثر بشكل واضح على الحركة التجارية. رغم بعض الاجواء الايجابية لانتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة الا ان الطبقة الفقيرة لا تتأثر بتلك التشكيلات الحكومية فالطبقة هي نفسها والاجواء السلبية ايضاً نفسها، فعدد كبير من الموظفين لا يحصلون على رواتبهم وعدد كبير من الشركات تقوم بصرف الموظفين ويفضلون الاجنبي على العامل اللبناني ما ينعكس سلباً على القدرة الشرائية. جولة في الأسواق تقول صاحبة أحد المحال التجارية الخاصة ببيع الألبسة النسائية “البلد كله للوراء والمنطقة على كف عفريت ومن الطبيعي ان تنعكس هذه الاجواء سلبا على الحركة التجارية، الا ان الامور تحسنت قليلاً عن السنوات السابقة ولكنها سلبية نوعاً ما”. أما أمل وهي صاحبة محل لبيع ألبسة الأطفال فرأت أن أسباب الركود تعود الى ارتفاع نسبة البطالة في لبنان والذي تتحمل مسؤوليته الدولة اللبنانية “اللبناني صاير غريب ببلدو ما حدا عم يشتري ما حدا معو مصاري الغربا عم يشتغلو واللبناني عاطل عن العمل”. تضيف أمل “الأهل يعجزون اليوم عن شراء ثوب العيد كاملاً لكل أطفالهم، فيقومون بشراء قطعة واحدة جديدة ويحاولون جعلها مناسبة على شيء قديم لديهم”. بينما عجاقة يعتبر ان حديث التجار غير صحيح وهناك تحسن ملحوظ في الاسواق بنسبة 50 حتى محلات بيع الزينة الخاصة بالميلاد ورأس السنة لم تسلم من التراجع، فشهدت حركة خجولة على غير عادتها في مثل هذه الأوقات من السنة، لأن معظم اللبنانيين اكتفوا بما لديهم من زينة الأعوام الماضية بالاضافة إلى شراء بعض الأشياء الجديدة للتغيير لا أكثر. بينما وحدها محال بيع الحلويات والمشروبات الروحية كسرت حاجز الركود التجاري اذ “تمتعت خلال اليومين الماضيين بحركة مقبولة أفضل من حركة عطلة نهاية الاسبوع، وكثر إقبال الناس على الشوكولا بمختلف أنواعه بشكل عام” كما أكد أحد أصحاب المحلات. كل ما في الأسواق يقول إن هموم المواطن أصبحت أكبر من قدرته على الإحتمال، فغلاء المعيشة والأزمات المتوالية على مختلف الصعد ، أفقدت الأعياد رونقها، وبات العيد مقتصراً على زينة واجهات المحال التجارية التي استعانت بأغانٍ من وحي المناسبة إحتراماً لتلك الساعات الإستثنائية ولتكون بدورها شاهدةً على عيدٍ مرّ من هنا. رابط البلد 

Print Friendly, PDF & Email