Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

فرص إقتصادية جديدة يخسرها العالم العربي

قضت الحروب التي عصفت بالعالم العربي منذ العام 2011 وحتى الآن على البنى التحتية للعديد من البلدان وأضعفت إقتصادات الدول العربية الأخرى. وتُنبئ شراسة الصراع الحالي ومدى انغماس الدول الكبرى والإقليمية بقرب نهاية هذا الصراع ليبدأ تقاسم الجبنة التي تبلغ قيمتها 600 مليار دولار أميركي.

600 مليار دولار أميركي هي كلفة إعادة إعمار الدول التي طالتها حروب ما يُسمّى بـ «الربيع العربي». هذا الرقم هو نتاج التخمينات التي طالت كلّاً من سوريا (300 مليار د.أ.)، ليبيا (200 مليار د.أ.)، العراق (100 مليار د.أ.) واليمن (20 مليار د.أ.). بالطبع هذه الأرقام كافية لحضّ الدول الكبرى على التدخل العسكري في سوريا بهدف الحصول على عقود تجارية تطال القطاع العقاري، قطاع الطاقة، القطاع الصحّي، قطاع التعليم، الطرقات، قطاع المياه والصرف الصحي، والقطاعات الإنتاجية عامة. المُشكلة التي تُطّرح دائماً في مثل هذه الحالات هي عن مصدر تمويل المشاريع خصوصاً أنّ العجز في موازنات الدول العربية (كافة) وضعف النمو الإقتصادي وتراجع أسعار النفط، لا يسمح لحكومات العالم العربي بتمويل هذه المشاريع. لذا تتجه الأنظار إلى القطاع الخاص لتمويل هذه المشاريع على أن يتمّ الدفع من نتاج المشاريع أو من عائدات النفط والغاز المُستقبلية. لكن هذا الأمر يفرض العديد من الشروط التي سيفرضها حكماً القطاع الخاص وعلى رأسها إصلاحات إقتصادية، إدارية وقانونية لصالح إقتصاد السوق. المعنيّ الأول في قضية التمويل هي المصارف العربية، والتي تمتلك قدرات تمويل هائلة (قيمة الأصول المصرفية العربية تُقارب الـ 3 تريليونات دولار أميركي، والودائع 1.75 تريليون دولار أميركي). هذه المصارف لن تعمد إلى تمويل إعادة الإعمار في الدول المعنية – أي سوريا، ليبيا، العراق واليمن، إلّا إذا كان هناك من ضمانات تطال التشريعات القانونية وعلى رأسها الشراكة بين القطاع الخاص والعام، كما قدسية الملكية الخاصة. ولكن هل ستقبل الأنظمة الحاكمة والتي يعيش قسم منها في عالم الفساد بإقرار مثل هذه القوانين؟ الجواب بالطبع لا خصوصاً أنّ الإنقسامات السياسية واستخدام الإقتصاد كأداة سياسية لمعاقبة الأنظمة الحاكمة ستُشكّل العقبة الأولى التي سيواجهها القطاع الخاص عموماً والمصارف العربية خصوصاً. هذا الواقع سيفرض أن تحصل الدولى الكبرى مثل أميركا وروسيا ودول إقليمية مثل تركيا على حصة الأسد من عقود إعادة الإعمار هذه، والتي ستذهب عائداتها لدعم الإقتصادات الأجنبية بدل دعم الإقتصادات العربية. لكنّ الأصعب في الأمر أنّ فوز الدول الأجنبية بهذه العقود سيفرض رهن الثروات الطبيعية التابعة للدول العربية لصالح الشركات الأجنبية بحكم أنّ هذه الأخيرة هي من ستموّل هذه المشاريع. تُشير الأرقام إلى أنّ صافي الإستثمارات الأجنبية المُباشرة في الدول العربية بلغ 35 مليار دولار أميركي في العام 2015 أي بنقص بقيمة 10 مليارات دولار أميركية عن العام 2014. هذا الرقم يُشكّل 1.6

 رابط الجمهورية

Print Friendly, PDF & Email