Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

حرِّروا المنصة الإلكترونية لجذب الإستثمارات وإنقاذ الإقتصاد

تُلقي الخلافات في شأن قانون الإنتخاب بظلالها على الإقتصاد اللبناني حيث أن التأخر في إقرار قانون إنتخابي مع بدء إستنفاد المُهل الدستورية يزرع الشك في نفوس المُستثمرين وبالتالي لن يعمدوا إلى الإستثمار. ويظهر مشروع خصخصة بورصة بيروت وخلق المنصة الإلكترونية كحلّ يسمح للإقتصاد بجذب الإستثمارات.

يُظهر تاريخ السياسة الداخلية اللبنانية أن السياسيين بحكم إمتلاكهم للقرار الإقتصادي، يربطون هذ الأخير بالمناخ السياسي القائم. وشهدنا في العقود الأخيرة إجراءات تعطيلية لقرارات إقتصادية لأسباب سياسية بحتة. وبما أن لبنان يعيش منذ إستقلاله في أربعينات القرن الماضي حالة من عدم الثبات السياسي، نرى أن الإقتصاد اللبناني يُعاني من لجم هائل لنموه يُصنّف في علم الإقتصاد بخسائر كانت لتسمح للبنان بناتج محلّي إجمالي ثلاثة أضعاف ناتجه المحلّي الحالي. هذا القول ليس بجديد ويُمكن إثباته من خلال رؤية البيانات التاريخية للإستثمارات (الأكثر تأثرًا بالمناخ السياسي) والنمو الإقتصادي. العلاقة بين الإستثمارات والنمو الإقتصادي تظهر جليًا في ثلاث مراحل أساسية في تاريخ لبنان: ستينيات القرن الماضي، مرحلة ما بعد الحرب الأهلية وفترة 2007 إلى 2010. تؤكد النظرية الإقتصادية على هذا الأمر من خلال المقولة الشهيرة أن «لا نمو من دون إستثمارات» حيث أن البحث في البيانات التاريخية للعديد من الدول المُتطوّرة وفي طور النمو تُثبت أنه في كل مرة شهد الإقتصاد نموًا، كان هناك إستثمارات تسبق مرحلة النمو. المُشكلة التي يواجهها لبنان هي في عدم قدرة القطاع العام على القيام بإستثمارات نظرًا للعجز المُزّمن في ماليته العامّة والفساد والهدر المُتعلقين في إدارة هذه المالية. من هذا المُنطلق، نرى أن القطاع الخاص هو الوحيد القادر على القيام بهذه الإستثمارات وعلى وضع الإقتصاد اللبناني على سكة النمو. وضع الإقتصاد اللبناني على سكّة النمو يعني أن الإقتصاد سيخلق ثروات ستُستثّمر في الإقتصاد اللبناني وتمتصّ الدين العام المُتزايد عامًا بعد عام. وهذا ما تؤكده النظرية الإقتصادية إذ أن النمو الإقتصادي هو الوحيد القادر على إمتصاص الدين العام. كيف يُمكن للقطاع الخاص الإستثمار في ظل مناخ سياسي مُتخبطّ؟ الجواب البديهي هو أن القطاع الخاص لن يقوم بهذه الخطوة إلا إذا كان هناك ثقة بالإقتصاد. في ظل الأنظمة الديموقراطية، هذه الأخيرة تتعلّق بستّة عناصر هي: الثبات السياسي، الثبات الأمني، تداول السلطات، الخططّ والإصلاحات الإقتصادية، محاربة الفساد، وقوانين عصرية تواكب التطوّر الحالي. من هذا المُنطلق، يتوجّب على السلطة السياسية أن تعّمل على النقاط الثلاث الأخيرة لأنها أكثر قابلية للتطبيق مع التخبّط السياسي القائم. وعلى رأس هذه النقاط القوانين العصرية والإصلاحات الإقتصادية. التمويل من الأسواقفي الإقتصادات المُتطوّرة، تعتمد هذه الإقتصادات على الأسواق المالية لتمويلها وجذب الإستثمارات. أمّا في الإقتصادات الأقلّ تطوّرًا، فالإعتماد الأساسي يبقى على القطاع المصرفي بالدرجة الأولى وعلى بعض المبادرات الفردية. من هذا المُنطلق آن الآوان للبنان لأن ينتقل من مرحلة التمويل من المصارف إلى مرحلة التمويل من الأسواق. وعليه، يتوجّب على لبنان أن يمتلك بورصة قادرة على إجتذاب الإستثمارت وهو الذي يمتلك الخبرة والمؤهلات. نصّ قانون إنشاء هيئة الأسواق المالية على خصخصة بورصة بيروت – ثاني أقدم بورصة في الشرق الأوسط. هذا الأمر أتى كنتيجة لضعف البورصة (إدارة عامّة) في جذب القطاع الخاص على الرغم من وجودها منذ العام 1920، حيث نرى أن عدد الأسهم التي تُتداول عليها لا يتجاوز الـ 12 سهم. أضف إلى ذلك أن هذه البورصة لا تحتوي على مقومات البورصات الحديثة والتي تتلخّص في ثلاثة عناصر: • أولًا – كفاءة الأسواق (Market efficiency) والتي تُترجم بإنعكاس المعلومات العامة المتوافرة في الأسعار؛ • ثانيًأ – القدرة على خلق أدوات مالية إصطناعية (Replication) من قبل المُستثمرين وذلك بهدف التحوّط المالي وخلق فرص الربح للمُستثمر؛ • ثالثًا– غياب فرص الترجيح (Absence of Arbitrage Opportunities) والتي تجعل الربح من غير مخاطر غير مُمّكن. وهنا تكمّن بالتحديد أفضلية التمويل من الأسواق على التمويل من المصارف إذ أن الأخيرة ترفض أخذ المخاطر لتحقيق أرباح وتُفضّل الإستثمار في سندات الخزينة مع فوائد عالية (

رابط الجمهورية

Print Friendly, PDF & Email