Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

هل تتحوَّل السلسلة “شيكاً بلا رصيد”؟

لم تذهب تحركات هيئة التنسيق النقابية في الشارع طوال خمس سنوات سدى، ذلك ان مجلس النواب أقر أمس سلسلة الرتب والرواتب المنتظرة وسط ضبابية ظلّلت الاجراءات الاصلاحية والضريبية التي ترافقها وفي ظل شكوك مزمنة في قدرة الدولة على ضبط الجباية وتنظيمها، كما في تطبيق اصلاح موعود أضيف اليه وعد بالتغيير أيضاً مع وصول الرئيس ميشال عون الى قصر بعبدا. واذا كان القلق يساور الوزراء والنواب من تداعيات مالية واقتصادية للسلسلة، فإن خبراء اقتصاد يتخوفون من تحويل السلسلة “شيكاً بلا رصيد” اذا ما سبقت التداعيات السيئة الايجابيات المحققة والمنتظرة منها.

وصرح الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة لـ”النهار” “بأن فصل السلسلة وخطّة الكهرباء الإنقاذية عن الموازنة يخفي العجز الحقيقي للموازنة، خصوصاً أن الواردات الآتية من الموازنة لا تُطبّق إلا على خمسة أشهر من السنة، وتالياً فإن العجز الحقيقي سيتجاوز سبعة مليارات دولار في 2017 وذلك خلافاً لما ورد في مشروع الموازنة الذي لحظ عجزًا بقيمة 4.8 مليارات دولار. وقال إن للضرائب تداعيات سلبية على النشاط الاقتصادي: التضخم، وتقليص القدرة الشرائية ورفع الفوائد، مما سيضرب النمو الإقتصادي. كما أن ضخ ما بين 1200 و1700 مليار ليرة في الاقتصاد سيرفع حتماً الأسعار نتيجة عامل التضخم، مما سيقلص القدرة الشرائية للمواطن التي قد تصل إلى 5 وبالعودة الى الجلستين الصباحية والمسائية، فإن أبرز ما أقر في أولى الجولات، إعطاء زيادات لمعلمي مدارس القطاعين الرسمي والخاص بعد نقاش دار حول أحقية شمول هذه الزيادة معلمي الخاص، انتهت الى المصادقة على المساواة بينهما بعد التصويت برفع الأيدي. كما أُقرّ إعطاء المتقاعدين حقوقهم مع تجزئتها على ثلاث سنوات. وفي خطوة مدروسة لنزع فتيل الشارع وإعطاء انطباع ايجابي عن الجلسة، ترك الى المساء قبل ان يدفع الى اليوم وربما الى جلسات الموازنة، ملف توفير الواردات الكافية لتغطية تكاليف السلسلة التي سترتفع وفق المعلومات الى 1772 مليار ليرة بعد ثلاث سنوات. وبدا رئيس الوزراء سعد الحريري متهيباً المرحلة اذ قال صراحة “لا أوافق على سلسلة من دون موارد”، معتبراً ان “السلسلة سلة واحدة: اصلاحات وموارد وضرائب”. واذ أشار الى انه “مع حقوق الناس” أضاف: “نحن أيضاً مع تأمين الواردات لكل زيادة”، وتساءل: “ماذا يستفيد المتقاعدون مثلاً اذا انهارت الليرة”؟ أما رئيس المجلس نبيه بري فقال: “لا شيء يعطى ببلاش فهناك زيادة ضرائب وإصلاحات عدة والقصة مش قصة شعبوية”. واكتفت الجلسة المسائية بإقرار ما سمي البنود الاصلاحية وتتضمن زيادة عدد ساعات العمل للموظفين وادخال السبت في العطلة الاسبوعية لتوفير بدلات النقل، ووقف التوظيف مرحلياً. وتم الاتفاق على اعادة صياغة البندين المتعلقين بالتوظيف بعد اعتراضات واجراء مسح شامل لحاجات الادارة وواقعها، وخفض عدد دور المعلمين، وتقليص العطلة القضائية وهو أمر أثار جدلاً قبل ان يتفق على جعلها شهراً ونصف شهر بدل الشهر المقترح، ووضع نظام موحد للتقديمات الاجتماعية واعادة النظر في سياسة الدعم ومساهمات الدولة في الصناديق وتحديد انفاق المحروقات في الادارات العامة وتقويم أداء الموظفين بما يسمح بالاستغناء عن خدماتهم اذا كانوا غير منتجين. وفي محاولة لتخطي الانقسام بين من يطالب بإقرار السلسلة ضمن الموازنة (تيار المستقبل والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية) ومن يفضّل فصلها فتقر مع التزام إقرار الموازنة خلال أسابيع (وأبرز مؤيدي هذا الخيار حركة أمل وحزب الله)، ولعدم التأجيل مرة جديدة في ظل صخب الشارع، أضيف نص الى المادة 20 جاء فيه ان اعتمادات السلسلة تدفع من الموازنة في حال اقرارها خلال شهر، واذا لم تقر يصبح قانون السلسلة ناجزاً من تاريخ نشره. والنشر مرتبط بالتواقيع الملزمة التي قد تتأخر شهراً في توافق ضمني بين الأطراف الى حين تحديد موعد لجلسة الموازنة. وكان الرئيس نبيه بري مهد لهذا المخرج منذ الظهر عندما أعلن انه “حين ننتهي من درس الموازنة، سأعلن جلسة لمناقشتها خلال 48 ساعة لكن ذلك لا يحجب أننا يجب أن نصل إلى نتيجة في موضوع السلسلة”. Print Friendly, PDF & Email