Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

عطلة ثلاثة أيام أو تقاسم الدوام “طائفياً”؟!

ربيكا سليمان

مع إقراره سلسلة الرتب والرواتب مؤخراً، وافق المجلس النيابي على اقتراح رئيس مجلسه نبيه بري المتعلق بدوام عمل موّظفي القطاع العام، فبقي الدوام الرسمي مؤلفاً من 35 ساعة في الأسبوع، لكنّ التعديل الجذري طال أيام العمل، إذ بات يوم السبت عطلة رسمية مضافاً إلى يوم الأحد، على أن يكون الدوام في “بحر الأسبوع” لغاية الثالثة والنصف، مع تخصيص ساعتين عطلة للمسلمين في صلاة يوم الجمعة.  هذا القرار قوبل بداية ًبموجة من النكات والتعليقات الساخرة التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، اذ ثمة من رأى في التعديل “تمديداً فادحاً للصبحيات والاجتماعات حول فنجان قهوة”، باعتبار أنّ “موّظف الدولة” لا يعمل كما يجب تبعاً للأصول والدوام. هذه الاتهامات النمطية قابلتها موافق منددة بالقرار الذي اعتُبر مجحفاً بحق موّظفي القطاع الخاص الذين “سيضطرون إلى استهلاك يوم من عطلتهم السنوية في حال أرادوا انجاز معاملة رسمية، نظراً إلى إغلاق الإدارات العامة يوم السبت”. في موازاة ذلك، كان الموضوع يتخذ بعداً آخر ليتحوّل قضية رأي عام “حسّاسة”، إذ كلما دخل الجانب الطائفي في أي ملف، حلّت التعقيدات ووجب الترويّ وتحكيم صوت العقل! فعلى السوشيل ميديا، كان ثمة من يطالب بالتعطيل يوم الجمعة بدل السبت، “إنصافاً للمسلمين” باعتبار يوم الجمعة هو يومٌ دينيّ عندهم، تماماً كما أن الآحاد “مقدسة” عند المسيحيين. لكن لماذا كان هذا القرار حقاً، ما فائدته وما أضراره؟ وهل من حلّ يرضي الجميع؟يقرّ البروفيسور في علم الاقتصاد جاسم عجاقة بأنه من المؤيدين للتعطيل نهار السبت، ويشير في حديث إلى موقع “لبنان24” إلى خلفيات القرار، كاشفاً أنه “أمرٌ ماليّ بحت”. لا يتردد عجاقة بالقول أنّ “جماعة موظفي الدولة يتوّجهون إلى أعمالهم في أيام السبت عند الثامنة صباحاً (اذا كانوا أوادم)، يشربون القهوة، ويمكثون في مقرّاتهم حتى الحادية عشرة أو منتصف النهار كحدّ اقصى، ومن ثمّ يغادرون”. ولا ينسى عجاقة الإشارة إلى “انهم بالكاد يعملون أيام الجمعة، إذ تغلق معظم الإدارات الساعة الحادية عشرة”. ويهدف إلغاء السبت من دوام العمل الأسبوعي إلى التوفير على الخزينة العامة، يشرح عجاقة. كيف؟! “إن جميع موّظفي الدولة، بما فيهم المياومين، يحصلون على بدل نقل قيمته 8 آلاف ليرة يومياً. وإذا ما قمنا بحسابات بسيطة، فسنخلص إلى ان الدولة توّفر قرابة 70 مليون دولار سنوياً جرّاء التعطيل يومين في الأسبوع”. الرقم كبيرٌ وملحوظ، واذا ما أضفنا إيجابية تخفيف زحمة السير إلى حساباتنا، فالأمر فعلاً مفيد والقرار صائب. ولكن… ألا يعود إقفال الإدارات والمرافق الرسمية ليوم إضافيّ في الأسبوع بخسائر على المالية العامة؟! برأي عجاقة، فإن التعطيل يوم السبت هو أحد أدوات وقف الهدر، غير أنه يُقرّ بأنّ ثمة مرافق حيوية لا يمكنها أن تقفل أبوابها يوماً إضافياً كونها تدخل إيرادات كبيرة إلى الخزينة”. برأيه، الحلّ يكون باسثناء هذه المرافق من قرار التعطيل يوم السبت، أو مثلاً فتحها ليوم أو يومين في الشهر”. لعلّ قرار تقليص عدد أيام العمل إلى خمسة في الأسبوع فيه من الايجابيّة ما يستأهل التصفيق الحارّ لو كان هذا التدبير نابعاً من حيثية الاهتمام بالموّظف وانتاجيته والإصلاحات في القطاع العام، لكنه في لبنان أتى ليكون حلّاً “بالتي هي أحسن” هادفاً إلى التوفير، غافلاً عن منبع المشكلة الحقيقية المتمثلة بالفساد واهتراء المؤسسات والفوضى العارمة فيها. ومع هذا، لا يسعنا إلا النظر إلى هذا القرار بإيجابية، فهذا هو لبنان وهذه حاله، علاوة على ان معظم دول العالم بات يتجه الى خفض عدد أيام العمل، بل إلى تقليص عدد الساعات خلال اليوم! ولأن للبنان خصائص و”ميزات” وظروف خاصة، يمكن استيلاد الحلول للقضايا الشائكة كافة من رحم الواقع المضحك المبكي! نعود إلى ما يقوله عجاقة عن أنّ بعض المرافق الحيوية لا يجب أن تقفل يوماً إضافياً نظراً إلى ما تدخله من إيرادات الى خزينة الدولة. حسناً، فلتبق هذه المرافق شغّالة يومي الجمعة والسبت، على أن يعمل فيها المسيحيون أيام الجمعة ويعطلون السبت، فيما يعطل المسلمون أيام الجمعة ويداومون السبت! أليس هذا حلاً سحرياً يوّفر على الدولة، ويحدّ من زحمة السير، ويرضي الطرفين؟

لكن ماذا عن بقية الطوائف؟

حسناً.. فلنعطل ثلاثة أيام في الأسبوع: الجمعة للمسلمين، الأحد للمسيحيين والسبت لكل من يشعر بأن الأمر يعنيه.. أو لا يعنيه!

رابط لبنان 24  

Print Friendly, PDF & Email