Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

قانون الضرائب أمام اختبار الطّعن..

نهلا ناصر الدين

عاد الشعب اللّبنانيّ بعد أن خَسِرَ معركة لُقمةِ العيش في وجه قانونِ الضرائب التجويعيّة؛ ليعلّق آماله على الاعتراضِ الكتائبيّ الذي عاد بدورهِ للواجهة فور صدور القانونان (45) “تعديل واستحداث بعض الموادّ القانونيّة الضريبيّة…” و(46) “رفع الحدّ الأدنى للرواتب والأجور وإعطاء زيادة غلاء المعيشة للموظّفين والمتعاقدين والأُجراء في الإدارةِ العامّة وفي الجامعةِ اللّبنانيّة والبلديات واتّحاد البلديات والمؤسّسات العامّة غير الخاضعةِ لقانونِ العمل وتمويلِ رواتب الملاك الإداريّ العامّ وأفراد الهيئة التعليميّة في وزارة التربية والتعليم العالي والأسلاك العسكريّة” بعددٍ خاصٍّ من الجريدة الرسميّة (العدد 37) بتاريخ الأوّل من أمس 21 آب 2017.

وعليه يكون تاريخ 21 أيلول القادم، موعد انتهاء مُهلة الطعنِ بقانونِ الضرائبِ أمام المجلس الدستوريّ، وأخذ حزب الكتائب المُعترض على زيادةِ الضرائب التي ستنعكسُ تداعياتها الكارثيّة على الاستقرار الاقتصاديّ ولُقمةِ عيشِ ذوي الدخل المحدود، على عاتقه المبادرة لهذا الطعن. إلّا أنّ الطعن بأيّ قانون أمام المجلس الدستوريّ يحتاجُ تقديمه لعشر نوّاب، ولا تضمّ كتلة الكتائب النيابيّة أكثر من 5 نواب، فكيف ستبادر الكتائب إلى الطعن، ما الأسباب المُوجبة التي تستند عليها، من هُم النوّاب الخمسة الذين سيمضون بالطعنِ مع كتلةِ الكتائب، وما هي تداعيات السلّة الضريبيّة على الاقتصاد اللّبنانيّ؟ يؤكّد نائب رئيس حزب الكتائب الوزير السابق سليم الصايغ في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت” أنّ الاتّصالات مع النوّاب، لجمعِ عشرةِ تواقيع نيابيّة للطعنِ مُستمرّة، لا سيّما مع النوّاب المُتوَقّع اعتراضهم على الضرائب، مُشيراً إلى أنّ الكتائب ما كانت لتسيرَ نحو خيارِ الطعنِ لو لم تستشفّ النيّة على الاعتراض لدى بعض النوّاب من خارجِ كُتلة الكتائب.يرفض الصايغ تحديد وقت الطعن، ولكنّه يؤكّد أنّه “بات قريباً، وسيحصل فور استكمال مضمون الطّعن وعرضه على النوّاب العشرة لتوقيعه”، كما يرفض الخوض بالحديثِ عن تفاصيلِ مضمونِ الطّعن والأسباب المُوجبة له، ويكتفي بالكشفِ عن أنّ “هناك مبادئاً دستوريّةً تمّت مُخالفتها في إقرار هذا القانون، ومبادئ أخرى لها علاقة بفرضِ الضرائب قبل معرفةِ المُوازنة إضافةً لمشكلةِ قطعِ الحساب”. مُشيراً إلى أنّ “الأسباب المُوجبة في الطعن مُعتَمدة بشكلٍ أساسٍ على تصاريح رئيس الجمهوريّة ميشال عون، الذي لم نتوقّع منه التوقيع على قانون الضرائب”. ويرى الصايغ أنّ الكتائب وقبل ولوجِ الطّعن دستوريّاً قد نجحت بالطّعنِ على المُستوى السياسيّ، المعنويّ والأخلاقيّ، إضافة إلى أنّه سيكون بيدها الحجّة الكافية ليكون الطّعن مقبولاً بالشكلِ والمضمون. ويضع هذه الخطوة في إطارِ منح الأمل للشباب اللّبنانيّ بدولةِ القانون والمؤسّسات، ورفض شريعة الغاب وتحكّم المِزاجيّة بلُقمةِ عيشِ المواطن. أمّا اقتصاديّاً، ومع ربط تمويلِ السلسلة بالسلّة الضريبيّة فما يزال لبنان مُسيّراً نحو المجهول على حدّ تعبير الخبير الاقتصاديّ البروفيسور جاسم عجاقة، على اعتبار أنّ البلد سيقعُ في مُشكلةٍ اجتماعيّةٍ معيشيّة، فـ”أقساط المدارس سترتفعُ أقلّه 30 في المئة، أمّا أسعار البضائع فسترتفعُ من 10 إلى 15 في المئة، ما سيزيدُ نسبة الفقر في لبنان من 31,52 في المئة إلى 33,93 في المئة”. وبالأرقام حاول عجاقة في حديثهِ لـ”ليبانون ديبايت” أن يشرحَ تأثيرات السلّة الضريبيّة على النموّ الاقتصاديّ، العجز، والدين العامّ. ففي السّنوات الماضية كان النمو الاقتصاديّ ضعيف جدّاً وكانت تتراوح نسبته 1 في المئة فقط، و”الآتي أسوأ”، على اعتبار أنّ الحكومة أرسلت موازنة 2017 بعجزِ 4,8 مليار دولار، وهذا بالشكلِ جيّد، ولكن في المضمون فإنّ الموازنة لم تتضمّن سلسلة الرُّتب والرواتب وهي بكُلفَة 1773 مليار ليرة، أي مليار و200 ألف مليون دولار، ما يزيد من العجز ليصبحَ 6 مليار دولار، كما أنّ الموازنة لم تشتمل على خطّة الكهرباء الإنقاذيّة وكلفتها مليار دولار ما يزيد العجز ليصل َإلى 7 مليار، علماً أنّ المشاريع التي أقرّها لقاء بعبدا التشاوري أيضاً لم تشتمل عليها المُوازنة وهي بكلفة نصف مليار دولار، ليصبحَ العجز الحقيقيّ 7,5 مليار دولار. يمكن أن يتقلّص إلى 6,5 مليار دولار إذا أدخلت السلة الضريبة بأحسنِ الأحوال مليار و200 ألف دولار على خزينة الدولة، و(هذا غير مضمون بسبب مُشكلةِ الجِباية فهناك 4,5 مليار دولار فواتير مع الناس لا تستطيع الدولة تحصيلها). لـ”نكون أضعف الإيمان أمام ما يُقارب الـ7 مليار عجز وهو الذي يتحوّل إلى دَينٍ عامّ، ما يرفع الدَّين العامّ من 77 مليار دولار إلى 83,5 مليار دولار، وهو الرقم المُتَوقّع أن يحصل بعد سنةٍ واحدة ٍمن تنفيذِ قراري السلسة والضرائب”. وفي المقابل أكّدَ حاكمُ مصرف لبنان رياض سلامة خلال لقاءٍ جمعهُ مع صحافيين أن سلسلة الرُّتب والرواتب لموظّفي القطاع العامّ ستؤدّي إلى إراحة الأسواق لأنّ 5،2 في المئة من الناتج المحلي انتقلت من القطاع الخاصّ إلى الدولة التي هي بأيدٍ أمينة لتخفيضِ العجز في المُوازنة، وأنّه لا خوف من أيّ انعكاساتٍ سلبيّةٍ، بل إنّ الأمورَ مُتّجهة نحو الإيجابيّة، وأنّ لا وجود لأيّ انهياراتٍ اقتصاديّة؛ لأنّ لبنان لديه مُقومات تسمحُ لنا بالتأكيد على ذلك. كما وأكّد سلامة أنّ لا خوفَ على اللّيرة ولا على الاقتصاد الوطنيّ.  إذاً، أسبابٌ كثيرةٌ موجبة لقَبولِ الطّعن بقانونِ الضرائب التفقيريّة، فهل سيمشي الطّعن بعد تقديمه في المجلس الدستوريّ، أم أنّ التسويات التي خلقت الضرائب ستخلقُ الضغوطات المُناسبة لردّ الطّعن بها…؟! رابط ليبانون ديبايت 

Print Friendly, PDF & Email