Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

لإحالة كسبار وكل من يُظهره التحقيق إلى النيابة العامة الجزائية

نشرت جريدة الأخبار دراسة صادرة عن بيت المُستقبل للدكتور توفيق كسبار بعنوان “الليرة والمصارف في خطر” و “التزامات المصرف المركزي بالدولار تتجاوز أصوله” (دراسة نُشرت بجزئين). هذه الدراسة التي تحتوي على أرقام غير دقيقة وخطأ في المنهجية تُشوّه حقيقة وضع الليرة اللبنانيةوالقطاع المصرفي وبالتالي تُشكّل تهديد مُباشر على الكيان اللبناني وعلى هيبة الدولة اللبنانية وعليه يتوجّب تحويل كسبار وكل من شارك في نشره هذه الدراسة إلى النيابة العامّة الجزائية بحسب المادتين 319 و320 من قانون العقوبات. نشرت جريدة الأخبار في عدديها الصادرين في 4 و5 أيلول دراسة للدكتور توفيق كسبار صادرة عن “بيت المُستقبل” ومُموّلة من قبل مؤسسة “كونراد آديناور”. هذه الدراسة التي رفعت مؤسسة “كونراد آديناور” كل مسؤولية عن مُحتواها، تتنبأ بإنهيار الليرة اللبنانية كما والنظام المصرفي وتُحمّل سياسة مصرف لبنان النقدية (خصوصًا الثبات النقدي) المسؤولية الكاملة لما حصل وسيحصل. هناك خمسة ملاحظات على هذه الدراسة: الملاحظة الأولى: مُخالفة القانون – هذه الدراسة تتوصّل إلى نتائج كارثية بإعتمادها فقط على بضعة أرقام غير دقيقة وتُظهر وجهة نظر مُجتزئة لواقع مالي وإقتصادي مؤلم في الأساس. المُشّكلة أن نتائج هذه الدراسة (الخاطئة) تنال من هيبة الدولة اللبنانية ومن الليرة اللبنانية وبالتالي تُشكّلّ خطرًا على الكيان اللبناني لأنها تبث إشاعات قد تخلق حالة ذعر بين المواطنين والمُستثمرين قدّ تكون السبب في إنهيار الليرة اللبنانية وتضرب عهد رئيس الجمهورية وإنجازات الحكومة لصالح حسابات إنتخابية رخيصة (من السهل التعرّف على أصحابها). وبالتالي نُطالب فخامة رئيس الجمهورية الذي أقسم على الحفاظ على الدستور اللبناني أن يوعز إلى النيابة العامّة الجزائية فتح تحقيق مع الدكتور كسبار ومن خلفه ومن يُظهره التحقيق أنه مُتورّط في هذه اللعبة لمعرفة الدوافع الحقيقية لنشر هذه الدراسة التي كان الأجدى بكاتبها التوجّه إلى حامي الدستور فخامة رئيس الجمهورية لإطلاعه عليها وعدم خلق بلبلة في الأسواق قد تؤدّي إلى خلق أزمة فعلية. التبرير القانوني لتحويل كسبار ومن خلفه إلى النيابة العامّة مُبررّ بالمادتين 319 و320 من قانون العقوبات: المادة 319 – معدلة وفقا للقانون 239 تاريخ 27/5/1993 “من أذاع بإحدى الوسائل المذكورة في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 209 وقائع ملفقة أو مزاعم كاذبة لأحداث التدني في أوراق النقد الوطنية أو لزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وسنداتها وجميع الإسناد ذات العلاقة بالثقة المالية العامة، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسمائة ألف ليرة إلى مليوني ليرة. ويمكن فضلاً عن ذلك أن يقضي بنشر الحكم”. المادة 320 – “يستحق العقوبات نفسها كل شخص تذرع بالوسائل عينها لحض الجمهور إما على سحب الأموال المودعة في المصارف والصناديق العامة أو على بيع سندات الدولة وغيرها من السندات العامة أو على الإمساك عن شرائها”. المُلاحظة الثانية: أرقام غير دقيقة – الأرقام التي إستخدمها الدكتور كسبار في دراسته هي أرقام غير دقيقة وتحتاج إلى معالجة. أضف إلى ذلك أن العملية الحاسبية التي أُجريت على هذه الأرقام تفتقر إلى الدقة وإقتصرت على عمليات جمع وطرح وبالتالي توحي خطًأ للقارىء أن الإستنتاج صحيح (مبدأ علم الإحصائيات). المُلاحظة الثالثة: الدراسة مُموّلة من مؤسسة “كونراد آديناور” الألمانية والتي تمتلك مكتب لها في لبنان. هذه المؤسسة بحسب موقعها الإلكتروني هي مؤسسة تابعة للحزب الديموقراطي المسيحي الإلماني (CDU) وبالتالي فهي جهة سياسية لا يُمكن بتمويلها لهذه الدراسة إلا أن تخدم مصالحها بالدرجة الأولى. هذا يعني أن الدكتور كسبار كان أداة في يدّ جهات أجنبية تعمل لزعزعة الكيان اللبناني وهذه بحدّ ذاتها تُعتبر خيانة وطنية. ولو كانت النوايا صافية لكانت الدراسة قُدّمت حصريًا إلى رئيس الجمهورية حامي الدستور، لكن هل هناك من نوايا أجنبية لضرب عهد الرئيس القوي؟ المُلاحظة الرابعة: لا يُمكن للقارئ إلا أن يطرح الأسئلة التالية أولًا – لماذا لم يتمّ عرض هذه الدراسة على خبراء من مصرف لبنان، وزارة المال، رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء قبل نشرها في الصحافة؟ فموضوع الدراسة تقني وكما سبق الذكر هناك أخطاء في الأرقام والمنهجية المُستخدمة، فلماذا لم يتمّ التأكّد من هذه الأرقام ومن المنهجية قبل نشرها؟ ثانيًا – المعروف أن الدراسات العلمية تخضع للجنة تحكيم. فإذا كانت هذه الدراسة علمية، هل يُمكن أن يُعطينا الدكتور كسبار أسماء لجنة التحكيم؟ للأسف كل هذا يُظهر مدى البعد السياسي الذي تُخبّئه هذه الدراسة وبالتالي تداعياتها الشديدة الضرّر على الكيان اللبناني وعلى العهد. المُلاحظة الخامسة: تحثّ الدراسة السلطة التنفيذية على التدخل في شؤون السلطة النقدية عبر ممارسة مراقبة ومُحاسبة للسلطات النقدية. وهذا الأمر يُخالف روحية القانون الذي أُنشأ من خلاله مصرف لبنان كما والقوانين الدولية التي تمنع على السلطة التنفيذية التدخل في السياسة النقدية. أمّا فيما يخصّ المُحاسبة فهي حصرية للسلطة القضائية الوحيدة المؤهّلة بحسب الدستور محاسبة المسؤولين. في الختام، هذا المقال هو الجزء الأول من عدّة مقالات سيتم نشرها على موقع الإقتصاد للحديث عن هذا الأمر. والمقال القادم سيُبرز الأخطاء الواردة في الأرقام والمنهجية المُتبعة من قبل الدكتور كسبار في دراسته. Print Friendly, PDF & Email