إنّ عملية الإستمرار في رفع دولار الرّسوم الجمركية ودولار الضريبة على القيمة المضافة سيزيد حكمًا من التّهريب كما تُظهر التقديرات. أضف إلى ذلك أنّ الإستمرار في رفع تعرفة الكهرباء والإتصالات لتغطية الخسائر سيؤدّي إلى ضرب مقوّمات المُجتمع اللبناني وحرمانه من الكثير من الأساسيات التي تُعتبر بحسب شرعة حقوق الإنسان التابعة للأمم المُتحدة، حقوقًا أساسية للمواطن. وما تقرير برنامج الأمم المُتحدة عن إحتمال سقوط لبنان في لائحة النقاط الساخنة إلّا تأكيد على أنّ السياسة الماليّة للحكومة لا يُمكن أن تستمرّ وهي تذهب بعكس حقوق الشّعب اللبناني.

التقديرات عن تحاويل المُغتربين الرّسمية تُسجّل أكثر من ستة مليارات دولار أميركي سنويًا، أضف إليها رقمًا موازيًا بين السياحة والتحاويل غير المصرّح عنها، نرى أنّ هناك كمّاً كبيرًا من الدولارات التي تدخل إلى لبنان. إلّا أنّ حجم الإستيراد والذي يفوق بأقلّ تقديرات ستة مليارات دولار أميركي قدرة اللبنانيين المالية مع تهريب جمركي فاضح، يعني أنّه من شبه المُستحيل على الدّولة وضع موازنة 2023 بسعر صرف موحّد وضبط أمورها الماليّة كما توحي بذلك. من هذا المُنطلق، فإنّ موازنة العام 2023 – بالإضافة إلى كونها مُتأخّرة – ستعكس واقع الأرض لا أكثر ولا أقلّ.

من دون أدّنى شكّ، الإصلاح المالي الأوّل الواجب القيام به هو وقف التّهريب الجمركي والتهرّب الضريبي، وغير ذلك عبثًا نتحدّث عن إستعادة السيطرة على المالية العامة. وهذا الإصلاح يتطلّب قضاءً مُستقلًا لا يأبه بالإنتماءات السياسية والحزبية للمّهربين. إنّ عدم القيام بهذا الأمر سيدفع بلبنان إلى الإنحدار أكثر إجتماعيًا وسيتطلّب عقودًا قبل عودة لبنان إلى مصافي الدّول التي تؤمّن عيشة كريمة لشعوبها.