jassemajaka@gmail.com
فضيحة الأسعار في لبنان.. المواد الغذائية مثالاً
بروفسور جاسم عجاقة | موقع الصفا نيوز
في شهر شباط من هذا العام، أعلن وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام عن “اعتماد التّسعير بالدّولار على أن تصدر وزارة الاقتصاد الآلية الجديدة المتّبعة”، مُضيفًا، “وبناءً عليها سنجبر محال السوبر ماركت أن تضع في كل يوم سعر الصّرف على بابها”. في المُقابل أعلن رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية (في حديث صحافي) أنّ “لهذه الخطوة إيجابيات تفوق السلبيات، فتسعير السّلع الغذائية بالدولار هو لصالح المواطن. هذا الإجراء ينهي مقولة ارتفع سعر صرف الدولار فارتفعت الأسعار، بينما انخفض سعر الصرف من دون أن تنخفض الأسعار”. وختم بالتّأكيد على أنّ “الأسعار ستنخفض في وقت لاحق، وقد انتقلنا إلى مرحلة تجريبية يجب أن تكون فيها ضوابط، وهي تجربة إيجابية وليست سلبية”. كما أنّ بعض القيّمين على القطاع أشادوا بهذه الخطوة عبر زيادة المنافسة وسهولة الرقابة من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة على الأسعار.
أسعار المواد الغذائية في السوبرماركات إرتفعت أكثر من 2
ارتفاع الأسعار
بغضّ النّظر عن قانونية هذه الخطوة، لم تلحظ الأسواق أيّ إنخفاض في الأسعار. لا بل على العكس، تُشير المُعطيات على الأرض أنّ أسعار المواد الغذائية في السوبرماركات إرتفعت (بالدولار) أكثر من 2
يُشير الموقع الإلكتروني لمنظمة الأغذية العالمية (FAO)، إلى أنّ مؤشر أسعار المواد الغذائية انخفض بنسبة 2
وهنا يقول بعض القيّمين على القطاع أنّ السبب في هذا الإرتفاع هو التقلّبات التي طالت سعر صرف الدولار الأميركي مُقابل الليرة اللبنانية في السوق الموازية، خصوصًا في الفترة ما بين أول السنة و20 آذار من هذا العام. إلّا أنّه وبعد الإجراء الذي قام به مصرف لبنان، استقرّ سعر صرف الدولار الأميركي مُقابل الليرة اللبنانية في السوق الموازية ما بين 93 و94 ألف ليرة لبنانية. وإذا ما نظرنا منذ ذلك الوقت إلى مؤشّر أسعار المواد الغذائية العالمي وأسعار النفط في السوق، نرى أنّ الإنخفاض في الأسعار كان
رسم 1: مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الفاو وأسعار الخام الأميركي (مصدر: FAO | Investing)
الرقابة على أسعار السّلع والبضائع شبه معدومة وتقتصر على مداهمات لجهاز أمن الدولة في النبطية والفرزل مع العلم أنّ أكثر من 8
رقابة شبه معدومة
من الواضح أنّ الرقابة على أسعار السّلع والبضائع وخصوصًا المواد الغذائية منها، شبه معدومة وتقتصر على مداهمات لجهاز أمن الدولة في النبطية والفرزل مع العلم أنّ أكثر من 8
الاقتصاد الحر والإحتكار
عندما وضع آدم سميث أسس الاقتصاد الحرّ، وضع شرطًا أساسيًا لنجاحه ألا وهو التنافسية. في لبنان لا يوجد تنافسية، ودور النقابات المهنية والتجمّعات هو لعب دور الـ Group purchasing organization للتجار الذين يُشكّلون التجمّع أو النقابة.
يُعرّف الإحتكار بقدرة لاعب إقتصادي (بائع) وهو ما يُعرف بالـ monopoly أو مجموعة لاعبين إقتصاديين أو ما يُعرف بالـ Oligopoly على التأثير على سعر السوق. وبالتالي يُمكن الإستنتاج من هذا التعريف أن السوق اللبناني هو سوق إحتكاري بإمتياز ولا يُمكن الادّعاء بأن الاقتصاد اللبناني هو إقتصاد حرّ حيث أن الشرط الأساسي الذي وضعه آدم سميث – أي التنافسية – غير موجود!
الإجراءات الحكومية
كسر الإحتكار يحصل من خلال قوانين يتمّ وضعها، على مثال ما يوجد في فرنسا حيث يُمنع على السوبرماركات مثلًا من التواجد في قلب الكثافة السكانية وذلك حفاظًا على صغار التجار، كما يُمنع على سوبرماركت أن تفتح فروعًا تُغطّي نسبة مُعنية أو أكثر من عدد سكان المنطقة المتواجدة فيها هذه الفروع، ناهيك عن التوافق غير المشروع (Illicit Agreement) الذي قد يتواجد بين التجار على الأسعار والذي عقوبته شديدة سواء كان في فرنسا أو الولايات المُتحدة الأميركية.
الفلتان الذي نعيشه في قطاع المواد الغذائية إن من ناحية الأسعار (كما أظهرناه في هذا المقال) أو من ناحية النوعية (سبق أن كُشف عن فضائح كثيرة في الآونة الأخيرة) لا يُمكن أن يستمرّ. وبالتالي يتوجّب على الحكومة أخذ إجراءات صارمة بحق المخالفين.
الإجراءات الحكومية الواجب إتخاذها على الفور تتضمّن:
أولًا – وضع قاعدة بيانات مُشتركة بين وزارة الاقتصاد والتجارة ووزارة المال والجمارك وذلك بهدف كشف التهرّب الضريبي والتهريب الجمركي والرقابة على الأسعار؛
ثانيًا – إلزام التجّار قبول الدفع بالبطاقات المصرفية والشيكات خصوصًا أن التعميم 165 أصبح يسمح بذلك؛
ثالثًا – الطلب من مصرف لبنان عدم فتح إعتمادات للتجار إذا لم يتم إظهار مستندات تُثبت أنهم دفعوا الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة للصفقة السابقة؛
رابعًا – إعتماد الرقابة المُركّزة على كبار اللاعبين الإقتصادين بهدف إعطاء المثل للأخرين؛