Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

العامل السوري في لبنان طبيب وصيدلي وممرض.. والدولة عاطلة عن العمل

نوال الأشقر

تخطّى واقع العمالة السورية في لبنان كل الخطوط الحمر، ومع تدفق مليون ونصف مليون نازح سوري إلى لبنان، لم يعد يقتصرعمل الأجير السوري على وظائف مرتبطة بقطاعي البناء والزراعة وفق ما ينص عليه قانون العمل اللبناني، ووفق التعديل الذي أدخله وزير العمل سليم جريصاتي عام 2013 وسمح لهم بمزاولة مهن الكهرباء والنجارة والصيانة وبعض المهن الفنية، بل دخلوا إلى قطاعات محظورة على الأجانب كالطبابة والإستشفاء والصيدلة والهندسة وغيرها، ولا سيما أنّ أعداداً كبيرة من السوريين من ذوي الخبرة والمهارة تدفقوا إلى سوق العمل اللبناني بحسب تقارير صادرة عن “الإسكوا” و”البنك الدولي” ،ما رفع نسبة البطالة في صفوف اللبنانيين إلى مستويات خطرة، باتت تنذر باشتباك بين اللبناني والسوري، شهدنا فصولها العنصرية مؤخراً. ولأنّ العامل السوري يعمل بأجر أقل من اللبناني، ولساعات أطول ،عمدت إحدى الشركات اللبنانية في منطقة كفرشيما إلى استبدال ثلاثين عاملاً لبنانياً تخطت أعمارهم الخمسين عاماً بتسعين عاملاً سورياً، وهكذا فعلت شركات أخرى ولا تزال، ضاربةً عرض الحائط قانون العمل الذي ينص على التالي “تلغى إجازة العمل في أي وقت كان،عند ظهور مستندات غير صحيحة وكلما قضت مصلحة اليد العاملة اللبنانية ولا سيما في الحالات التالية: إذا صرفت المؤسسة أجيراً لبنانياً عملاً بأحكام المادة 50 من قانون العمل وأبقت على أجير أجنبي مواز له في الكفاءة وشروط العمل، وإذا رفضت المؤسسة إعطاء تفضيل العمل إلى لبناني ..”. هذا الواقع يستدعي معالجة سريعة من قبل السلطة التنفيذية قبل أن تنفجر قنبلة البطالة وتصيب شظاياها الأمن الإجتماعي،ولا سيما أنّ اللبناني بات يشعر بالغربة في وطنه، وبمنافسة على لقمة عيشه في عقر داره وفي شتى القطاعات، شعورٌ تنامى في الآونة الأخيرة بفضل تذاكي بعض اللبنانيين وفتح عياداتهم لأطباء سوريين، فضلاً عن استبدال صيادلة لبنانيين بسوريين أو توظيف ممرضين وأطباء سوريين في المستشفيات، بما يخالف نصوص قانون العمل اللبناني . الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة لفت إلى أنّ مخالفة القانون واضحة وعلى مستويين:الدولة والشركات، موضحا عبر “لبنان 24” أنّ كلّ عامل يعمل في لبنان لديه مستويان من الرخص، الإقامة وإجازة العمل. “وما يحصل اليوم من قفز فوق القانون من قبل اللبنانيين أنفسهم، فنرى أنّ الطبيب السوري يعمل تحت مظلّة طبيب لبناني في عيادة مرخّصة. وكذلك يحصل في الصيدليات، بحيث يعمل صيادلة سوريون في صيدليات لبنانية من دون أن يستحصلوا على ترخيص من نقابة الصيادلة، والقانون يحظر هذا الإجراء. فمزاولة مهنة الصيدلة تحتاج إلى إذن مزاولة من وزارة الصحة وبطاقة انتساب إلى نقابة الصيادلة، والمعالجة في هذا الشق تقع على عاتق وزارتي الصحة والعمل”. عجاقة يلفت إلى أنّ العمالة السورية تغزو معظم القطاعات وتلقي بثقلها على الإقتصاد الوطني، “في قطاع البناء كلّ اليد العاملة سورية وفقط المهندس لبناني، كذلك الحال في مصانع الأولمنيوم والحديد والحجارة وفي قطاع النقل (الشاحنات) . في القطاع السياحي ليس الحال أفضل، بعدما باتت مجمل المطاعم تشغل اليد العاملة الأجنبية على حساب اللبنانية. أما المصارف فلا تُدخل اليد العاملة الأجنبية لأنها تدرك حساسة ارتدادات السمعة على هذا القطاع”. عن تقصير الدولة في تنظيم القطاع يطول الشرح . أمّا وزارة العمل المعنية الأولى بالموضوع فلديها فقط تسعة مندوبين مقابل 80 ألف مؤسسة في لبنان. يضيف عجاقة “هناك سماسرة يعملون على تجهيز الأوراق مهما كان نوعها. فعلى سبيل المثال يمنع القانون توظيف مدير صالة بمطعم لبناني إذا كان من جنسية أجنبية لأنّ رخصة مدير صالة تصنّف فئة أولى، ومع ذلك نرى المخالفات تحصل” . كيف السبيل إلى تنظيم العمالة الأجنبية مع النزوح المليوني وهل ما زالت ممكنة؟بتطبيق القانون تُنظم العمالة “فتلجأ الشركات إلى المكتب الوطني للإستخدام للإعلان عن الوظائف الشاغرة ويتمّ نشر إعلان إلزامي. وعندما لا يتوفر العامل اللبناني لهذه الوظائف يتمّ إستقدام أجنبي، وبما أنّ الضمان الإجتماعي تحت وصاية وزارة العمل فكل شركة توظّف عاملاً أجنبياً من دون المرور بالمكتب الوطني للإستخدام تُجزّى. هذا الحل معتمد في فرنسا. ولكن أن نرى الأطباء اللبنانيين يتخرجون بأعداد هائلة ويتقاضون 500 $ ومع ذلك يتم استقدام أطباء أجانب، فهذا استهزاء بعقولنا”. عجاقة يلفت في المقابل إلى استغلال العامل السوري من قبل الشركات التي تقوم بتشغيله شهرياً بينما تدفع له على أنّه أجير يومي، “فيُحرم من أبسط حقوق العامل وتتآكل حقوقه. وفي رصد سريع للأخبار يتبين كم عامل سوري سقط عن السقالات وتوفي من دون فتح تحقيق في تلك الحوادث.وباعتقادي سوق العمل يشهد فوضى وفلتاناً غير مسبوق.وفضلاً عن ظروف العمل القاسية بحق العامل السوري ،نرى أن البعض يلجأ إلى الإعتداء عليه كما حصل في حادثة عمشيت المدانة وغير المبررة، والتي يجب أن تشكل انذاراً ومنطلقاً لتنظيم العمالة الأجنبية ووضع ضوابط لها لقطع الطريق على الأخذ بالثأر”. إذن العامل السوري في لبنان لا يعاني من البطالة على غرار اللبناني، ويعمل “بالتي هي أحسن”، ومن دون أوراق ثبوتية كإجازة العمل والإقامة، وتحت ستار التقشف تمارس الشركات بحق العامل اللبناني عمليات صرف جماعية، وتُخلق منافسة غير متكافئة بين الفريقين، ويتّم وضعهما بمواجهة بعضها البعض،بما يهدد الأمن الإجتماعي ويستدعي معالجة سريعة.

رابط لبنان 24  

Print Friendly, PDF & Email