Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

“من غير المستبعد أن تسيطر الدولة على جزء من الودائع”… كيف يفسّر خبراء لـ”النهار” حديث خبير “فيتش”؟

النهار | المحرّر الإقتصادي

قالَ كبير محللي التصنيف السيادي في وكالة فيتش، جيمس مكورماك “إن مالية لبنان غير المستقرة تعني أن البلد الذي يعاني أزمة يبدو من المرجح أنه سيتخلف بطريقة ما عن سداد ديونه بل ومن غير المستبعد أن يعمد إلى سيطرة على جزء من الودائع المصرفية للمدخرين على غرار ما حدث في قبرص”.

هذا الرأي شغلَ اللبنانيين هذا المساء، وطرح الأسئلة حول اقترابنا من نقطة اللاعودة واللجوء الى خطوات جراحية موجعة تفادياً للإفلاس ، اذ قال رئيس محللي التصنيف السيادي لدى “فيتش” إن حالة الديون المتعثرة تعرّف بأنها عندما يكون هناك تغيير جوهري في شروط السداد. ويشمل ذلك مد أجل الاستحقاق (الموعد النهائي للسداد) لتجنب تخلف عن السداد.

وأضاف قائلاً ان “وقت الإعلان، من المرجح خفض التصنيف إلى ‭‭‭‭C‬‬‬‬. وعند اكتمال التبادل، من المرجح خفض التصنيف إلى تعثر محدود ‭‭‭‭RD‬‬‬‬”.

‎ولا تستغرب كبيرة الاقتصاديين لدى مصرف جيفرز علياء المبيّض كلام المسؤول في “فيتش”. وتعتبر بأن “التخلف عن السداد وارد في حال لم تتبن الحكومة مقاربة شاملة لمعالجة حجم الديون السيادية ووضعية مصرف لبنان الصافية بالتوازي مع خطة اصلاح مالي واقتصادي تعتمدها الحكومة بغية خفض العجز وتحفيز النمو”. فإعادة هيكلة ديون لبنان ضرورية في رأيها، لا بل يجب أن تكون إحدى أولويات وركائز برنامج أي حكومة مقبلة للحد من لانهيار وإعادة النهوض الاقتصادي. وتستند المبيض في رأيها الى حجم الدين الكبير جداً للبنان، وهو غير مستدام نظراً لديناميته السلبية في ظل الانكماش الاقتصادي المتوقع الذي تقدر بأنه قد يشارف اكثر من 1

‎ وترى المبيض ضرورة اعتماد مقاربة جذرية وشمولية لهيكلة الدين كمدخل لزيادة الفسحة المالية للإقتصاد وتوزيع الخسائر بشكل عادل وجعل الدين مستداماً. وتعتقد المبيض أن اللجوء الى تصفير الفوائد وإعادة جدولة الإستحقاقات فقط سيبقي الدين مرتفعا ولن يخرج الاقتصاد من فخ المديونية، بل سيزيد الأمر تأزما ويؤجل المشكلة لأنه سيبقي الدين بمستوى 170-180 في المئة من الناتج وسيلقي بالأعباء على الدولة وصغار المودعين. من هنا، تؤكد المبيض أهمية اعتماد مقاربة شاملة، أولى أولوياتها معالجة الوضعية السلبية بالعملات لمصرف لبنان، وخفض حجم الدين العام عبر اعادة الهيكلة بالتزامن مع عملية تخفيض العجز وتحقيق فوائض أولية لكي نخفف من خطر الإنخفاض غير المنظم لسعر الصرف. دون ذلك، سيكون اللبنانيون ذوي الدخل المحدود والمتوسط هم اكبر الخاسرين.

وفي معرض ردّه على كبير إقتصاديي فيتش، قال الباحث الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة أنه “على الرغم من كل الظروف التي يعيشها لبنان على الصعد السياسية، الإقتصادية، المالية والنقدية، لا نعتقد أنه حتى الساعة هناك حاجة لإعادة هيكلة الدين العام أو السيطرة على الودائع كما قال خبير وكالة فيتش”.

وأضاف “في الواقع ما لم يقله الخبير هو أن 8

واستطرد أن “الطريقة الأبسط هي تخلّي المقرضين المحلّيين عن الفوائد لمدّة عام أو عامين بحسب الحاجة وهذا الأمر يعفي المواطن اللبناني من كاهل الضرائب التي ستواكب أي مساعدة خارجية. هذا الإجراء كفيل بتوفير 5 مليار دولار أميركي سنويًا من خدمة الدين العام البالغة 6 مليار دولار أميركي وتسمح للحكومة بجرعة أوكسجين لتتمكّن من القيام بالإصلاحات اللازمة”.

ويقول “إلا أن ما هو دقيق في قول خبير فيتش هو أن أي عملية تطال الدين العام بأي طريقة كانت حتى ولو بخفض الفوائد أو خدمة الدين العام بالمُطلق، ستعتبرها وكالات التصنيف نوع من التعثّر وهذا الأمر سيّدفعها إلى خفض تصنيف لبنان الإئتماني إلى C أو SD أو RD وبالتالي إستحالة الإستدانة من الأسواق وهو أمر مُستبعد نظرًا إلى الكلفة الباهظة”.

وفِي رأيه، أن “ما يحتاجه لبنان هو حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات اللازمة ولبنان قادر على النهوض بنفسه من دون مساعدات مالية بل نحتاج فقط مساعدة تقنية. ونجاح هذه العملية يتعلّق فقط بالإرادة السياسية ووعي القوى السياسية إلى خطورة وضع الدولة المالي. وقد تكون وجهة النظر التشاؤمية التي أعطاها خبير وكالة فيتش تعكس بأغلب الظنّ الواقع السياسي الأليم للبنان والذي قد يوصله إلى الحالة التي يصفها الخبير في حال لم يتمّ تشكيل حكومة أو تمّ تشكيل حكومة غير قادرة على القيام بالإصلاحات”.

من جهته، اعتبر الخبير المصرفي خالد زيدان أن لا جديد في تحليل الخبير الاقتصادي لوكالة “فيتش” عن اقتصاد لبنان، مشيرا إلى أنه يمكن إعادة هيكلة المصارف المحلية والاجنبية. واضاف ان التحليل يعود إلى “مبادلة بتوصية من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة”، معتبراً أن “هناك طرقاً أخرى للمصارف للخلاص وذلك عبر إعادة شراء السندات عينها لوقت اطول”.

واكد انه لا يقول إن هذا الأمر سيحصل، بل يقول إن “احتمال حدوث الأمر كبير”.

وذكر زيدان أن الأحاديث حتى اليوم أن مسألة اوروبوند سيتم تغطيتها، ويفضل أن لا يكون هناك صفقة نقدية اذ يعتقد انها قد تساعد ماليتنا العامة لكن إن كان لا بد منها، فمعظم المصارف ستساهم.

وقال الدكتور في الاقتصاد والمال غابي بجاني أن هناك حلولاً بديلة عن التعثر وعدم تمكن الدولة من سداد الديون في آذار، مثل التفاوض مع الجهات الدائنة، وفِي حال كانت الديون داخلية يمكن المبادلة والتأجيل بفوائد أقل.

أما في حال التخلف، “فستكون الامور كارثية وستضعنا وكالات التصنيف في خانة الإفلاس”.

Print Friendly, PDF & Email
Source النهار