Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

ندوة “حوار بيروت” بعنوان: ما هي خطورة إقرار الموازنة بلا قطع الحساب؟

استضافت ندوة “حوار بيروت” عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة في أدونيس، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان “ما هي خطورة إقرار الموازنة بلا قطع الحساب ؟ وهل الدين العام فعلياً هو 77 مليار دولار ؟ ما هي الأرقام الحقيقية ؟” الخبير الإقتصادي والإستراتيجي البروفسور جاسم عجاقة، والنقيب السابق لخبراء المحاسبة المجازين إيلي عبود. وشارك في الندوة رئيس جمعية الإعلاميين الإقتصاديين الصحافي عدنان الحاج، ورئيسة تحرير موقع “الإقتصاد” كوثر حنبوري.

بداية قال البروفسور عجاقة ان “هناك مشكلتين أساسيتين، المشكلة الأولى قانونية، والمشكلة الثانية مالية، فإقرار الموازنة من دون قطع حساب تطلب تعليق المادة 87 من الدستور، وهذا يعني بحسب رأيي تعديل مقنّع للدستور اللبناني، وهذا يخلق مشكلة قانونية خاصة أن هناك إستنسابية في تطبيق مواد الدستور، فبغض النظر عن الهدف النبيل لتعليق العمل بهذه المادة، إلا أن هذا الأمر يفتح الباب لتعليق مواد أخرى في الدستور عن وقوع أي مشكلة اخرى .. وبهذا الشكل أصبح الدستور لعبة يمكننا تعليق موادها متى شئنا … وأعتقد انه إذا قام النواب بالطعن في هذا الأمر أما المجلس الدستوري، فإن المجلس سيرفض بدون أي شك تعليق هذه المادة”.

وأضاف “السؤال هو لماذا المشرع وضع في هذه المادة وشدد على إلزامية قطع الحساب قبل إقرار الموازنة ؟ الجواب بكل بساطة هو ان قطع الحساب هو الأداة الوحيدة أمام مجلس النواب لمعرفة مدى إحترام الحكومة لسقف الإنفاق الذي حددته الموازنة، وبالتالي محاسبتها على أخطائها، فكيف سيعرف مجلس النواب اليوم حجم الأموال التي أنفقتها الحكومة ؟ وهل فعلاً ديننا العام اليوم فقط 77 مليار دولار؟ خاصة ان هناك الكثير من التصريحات والتحليلات التي تؤكد بان حجم الدين العام اكبر بكثير”.

ولفت عجاقة إلى أن “وزير المال طرح حقائق مخيفة جداً، وهذه الحقائق وحدها تشكل إخباراً للنيابة العامة، وبالتالي أليس إقرار الموازنة بدون قط الحساب هو خرق لثقة الشعب الذي أعطاه لمجلس النواب؟ .. أنا مع إقرار الموازنة اليوم قبل الغد، ولكن برأيي أيضا أنه يحق للشعب اللبناني أن يعرف على الأقل حجم الدين الحقيقي”.

من جهته قال النقيب السابق لخبراء المحاسبة المجازين إيلي عبود أنه “لا شك بان الموازنة مهمة جدا من أجل الإنتظام المالي، ولكن قطع الحساب هو الأساس للإطلاع بشكل دقيق ومفصل على حسابات الدولة ومصاريفها الفعلية، ومقارنتها مع الأرقام المقدرة بالموازنة، وبالتالي تحديد العجز الفعلي او الفائض المحقق خلال السنة .. ويتم ترحيل هذا العجز او الفائض إلى حساب السنة القادمة … إذا قطع الحساب مهم جدا ويقدّم فصليا، ومن المفترض أن يتم تقديم مشروع الموازنة في أواخر شهر كانون الثاني كحد أقصى، ولكن توقف الموازنات أدى إلى الإنفاق بشكل إستثنائي على قاعدة الإثني عشرية، وإستمر هذا الأمر على مدى 11 سنة، مما أدى إلى إنفلاش كبير في الإنفاق العام .. في حين أن الإيرادات الضريبية مازالت على حالها”.

وفي سؤال للزميلة خداج عن مدى قانونية تصفير الحسابات في العام 1993، قال عبّود أن “الدولة اللبنانية بعد الحرب لم يكن لديها أي مستندات وإثباتات تتعلق بقطع الحساب، ولكن من العام 1991 لم يعد هناك مبرر أمام الدولة لكي تستمر بدون قطع حساب سنوي، ولكن اليوم نحن أمام واقع صعب، وتخطيه لا يتم إلا من خلال تقييم تشترك فيه وزارة المالية، وأصحاب الإختصاص، ولجنة المال والموازنة … والبدء بالعمل على أساس الرصيد الموجود حاليا منذ العام 1993 للعام 2005 ومن ثم من العام 2005 إلى العام 2016، مع التحفظ على السنوات السابقة لعدم وجود مستندات ومعلومات”. وقال عبود “الكل معني بهذه المشكلة ويجب البدء بالعمل على الحل”.

بدوره قال رئيس جمعية الإعلاميين الإقتصاديين الصحافي عدنان الحاج في مداخلة هاتفية أن “الموازنات كانت تتم دائما على أساس تقديرات غير دقيقة وغير واقعية، والإنفاق المالي كان يتخطى دائما المبالغ المرصودة من أجل إرضاء بعض السياسيين، وهذا ما يضر كثيرا بالبلد .. فالموازنة ليست مستقلة عن إرادة السياسيين”.

وأضاف “عندما يتم فعلا تحديد سقف النفقات وتحديد سقف الواردات بشكل دقيق والإلتزام بها فعلياً، فإن معظم المشاكل التي نتحدث عنها اليوم ستنتهي، فدائماً هناك خرق للموازنات دون معرفة أماكن صرف هذه الأموال”.

اما رئيسة تحرير موقع “الإقتصاد” كوثر حنبوري فإعتبرت أن “تعليق قطع الحساب هو سابقة خطيرة جداً وهو ضربة كبيرة للعهد الجديد الذي علقنا عليه الكثير من الآمال .. ففي لبنان هناك تخوف كبير من تحوّل الأمور الإستثنائية إلى دائمة، وهذا أمر مرفوض خاصة انه يغيّب موضوع المحاسبة في مجلس النواب”.

وقالت “امام الحكومة الحالية الكثير من المهام التي يجب أن تقوم بها، فهي ليست حكومة إنتخابات ولا يجب أن تعمل بالحد الأدنى .. فإنتخاب رئيس وحل الأمور السياسية والتخفيف من التوتر السياسي ليس إنجازاً بل هو أضعف الإيمان”.

ولفتت حنبوري “إلى أن إقرار الموازنة هو أمر مهم بدون شك، وهو يمهد لمرحلة تحسين تصنيف الديون السيادية للبنان، فمؤسسات التصنيف الدولية تتجه بحسب أخبار خاصة لموقع (الإقتصاد) نحو تحسين درجة التصنيف الائتماني الطويل والقصير الامد للديون السيادية في العملات الاجنبية والمحلية مع الابقاء على نظرة مستقبلية مستقرة، كما تقول المصادر ان منطلق مؤسسات التصنيف لناحية تحسين التصنيف الائتماني في لبنان تقوم على أُسس ومعطيات إيجابية عدة عرفها الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، ومنها اقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، واطلاق مناقصات التنقيب عن النفط إضافة الى توجه المجلس النيابي نحو اقرار موازنة عامة للدولة هي الاولى منذ 12 عاما، اضف الى ذلك اقرار قانون الضرائب الخاص بتمويل السلسلة”. وختمت حنبوري “إقرار ضرائب في الوضع الإقتصادي الحالي هو أمر مرفوض وغير مقبول، أضف إلى ذلك ان المناكفات السياسية المستمرة أخرت الكثير من الملفات الحيوية التي نحن بأمس الحاجة إليها، ومن أهمها ملف النفط والغاز، فهناك خلاف اليوم حول إنشاء الصندوق السيادي وحول كيفية إستخدام العائدات .. وهذا الكلام سابق لأوانه، ويجب تخطيه والبدء بالتنقيب والإستكشاف .. فالعائدات لن تبدأ قبل 6 إلى 7 سنوات من الأن”. Print Friendly, PDF & Email