Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

كرة يتقاذفها حزب الله ونظام الأسد.. مصارف لبنان على صفيح ساخن

خبير اقتصادي للعربية.نت: هلع اللبنانيين دفعهم لتكديس 2.5 مليار دولار في منازلهم

موقع العربية.نت | هاجر كنيعو

عندما هدد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في خطابه الأخير في الـ10 من سبتمبر، بـ”تعاطٍ مختلف” مع ملف العقوبات الأميركية، واصفاً إياه آنذاك بـ”العدوان الذي يطال بنوكاً لا يملكها حزب الله ولا علاقة له بها”، لم يكن تهديداً عابراً ولا نبرة تصعيدية تخويفية وحسب، بل سرعان ما ترجمت على الساحة النقدية اللبنانية “بشح” بالدولار تقاطعت مع معلومات تتحدث عن سحب رجال أعمال مقربين من حزب الله أموالهم من المصارف اللبنانية باتجاه سوريا.

في وقت تتزايد مخاوف الحزب من تشدد العقوبات الأميركية في محاصرة أنشطته المالية، وهذا ما ترجم في الرسالة التي حملها مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلنغسلي الأسبوع الماضي في زيارته إلى بيروت، حين قال “الولايات المتحدة ستعاقب أي فريق يقدم دعماً عينياً لحزب الله، سواء عبر الأسلحة أو المال أو أي وسائل مادية أخرى”، غداة إدراج واشنطن مصرفاً لبنانياً “جمال ترست بنك” على لائحة العقوبات “أوفاك” بتهمة تقديم خدمات مالية للحزب.

حالة التهويل التي عاشها اللبنانيون أخيراً، الذين سارعوا إلى تخزين أموالهم في المنازل، لم تأتِ من فراغ بل تنبع من حملة “ممنهجة” تمارس ضد المصارف اللبنانية، فما الذي يحدث على أرض الواقع؟

يوضح الخبير الاقتصادي د.لويس حبيقة في حديث خاص للعربية.نت، أن من أحد عوامل شح “الدولار” في السوق هو عمليات سحب الدولارات من البنوك يقوم بها بعض التجار السوريين من فروع المصارف اللبنانية في قرية “شتورا” البقاعية، القريبة من الحدود السورية. الودائع السورية في البنوك اللبنانية

وما يؤكد هذه الحملة “التهويلية” الممنهجة، ما صرح به محافظ المركزي السوري السابق دريد درغام أول من أمس عبر صفحته الرسمية على فيسبوك بأنه “من المحتمل سحب الإيداعات سواء بسبب انخفاض الليرة اللبنانية أو بسبب تصفية بعض المصارف اللبنانية أو غيرها من القرارات المفاجئة التي قد تواكب المرحلة القادمة”.

وهو ما وصفه الخبير الاقتصادي والاستراتيجي البروفيسور جاسم عجاقة بـ”الشائعات المغرضة”، مؤكداً أن الأمر عار من الصحة تماما، “إذ لا انهيار لليرة اللبنانية ولا للقطاع المصرفي لما يتمتع به من ملاءة مالية كبيرة”.

وإذا كان رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمّود أكد في وقت سابق أن المصارف اللبنانية لم تعد تستقبل ودائع السوريين بعد اندلاع الحرب في 2011 خوفا من العقوبات الأميركية عليها، غير أنه تقدر قيمة هذه الودائع بنحو 5 مليارات دولار، وفق ما أكد الخبير الاقتصادي والمالي د.غازي وزني للعربية.نت.

وأرجع وزني تصريحات درغام في إطار محاولات “إثارة المخاوف” لدفع التجار السوريين ورجال الأعمال لسحب ودائعهم ووضعها في البنوك السورية، التي هي أساسا خاضعة للعقوبات الأميركية والأوروبية.

ويذهب عجاقة أبعد من ذلك ليشير إلى ضغوط دولية كبيرة يعيش في ظلها لبنان على صعيد شقين: الضغوط الأميركية في ما يتعلق بحزب الله، والضغوط السياسية المرتبطة بمؤتمر سيدر والإصلاحات المشروطة لصرف الأموال.

يقولها صراحة: “هناك صراع أميركي – إيراني طاحن في المنطقة، وإحدى جبهات هذا الصراع تمثلت بالقطاع المصرفي اللبناني لا أكثر ولا أقل”!.

تكديس الأموال في المنازل

لكن على ما يبدو فإن حالة “الذعر” التي حاولت جهات معينة بثها بين اللبنانيين قد وصلت إلى مبتغاها، إذ عمد اللبنانيون بدورهم إلى تخزين أموالهم نقدا في المنازل، في حين لجأ البعض الآخر لنقل أمواله إلى الخارج.

وفي حين أن بعض الجهات قدرت هذه الأموال المكدسة في بيوت اللبنانيين بمليار دولار، علمت “العربية.نت” أن هذه الأموال المخزنة وصلت إلى 2.5 مليار دولار، بحسب ما كشف عجاقة معتمدا على الحسبة التالية: “في لبنان، يوجد مليون و250 ألف عائلة، واستنادا إلى المعايير الاجتماعية والسكانية فإنه بالمتوسط يتم سحب ألفي دولار تقريبا لكل عائلة والاحتفاظ بها بالمنازل”.

ويتفق حبيقة مع عجاقة بأن اللبنانيين قلقون مما يحدث على الساحة النقدية: “بعض العائلات عمدت إلى تخزين 50 ألف دولار في منازلها، وأخرى احتفطت بـ100 ألف دولار نقداً”، مؤكدا أن “هناك شائعات خاطئة يروج لها كل منها تخدم هدفا معينا، منها ما يهدف إلى ضرب سمعة القطاع المصرفي اللبناني، في حين أن الغرض الآخر يتمثل في تشويه صورة العهد الحالي لرئاسة الجمهورية…”.

تعميم مصرف لبنان

وإذا كانت الأمور تتجه نحو التهدئة وضبط السوق، إثر إصدار مصرف لبنان المركزي تعميماً يوم أمس، يحدد كيفية طلب البنوك التجارية من المركزي توفير الدولارات من أجل استيراد الوقود والقمح والأدوية، ما سيقلص ضغط الطلب على الدولار الأميركي لدى شركات الصرافة، غير أن العبرة تبقى في التطبيق وفي مدى الالتزام… أسئلة تبقى رهن الأيام المقبلة.

Print Friendly, PDF & Email
Source العربية.نت