Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

الدولار يُشعل الحرب بين الدولة والمواطن.. هذا ما قاله اللبنانيون لـ " السياسة"

موقع السياسة | هبة الشيخ

في معك دولار”؟…”بتعطيني بدل هالـ 150 ألف 100$؟…”ما في دولار بالبلد”…”لا نحنا ولا الليرة بخير”… والكثير الكثير من العبارات المتداولة اليوم في أوساط الشارع اللبناني، تخطت حدود الأحاديث الشعبية، وأصبحت تملأ قاعات الجامعات والمدارس!

فتخيلوا أن أطفالا لم يتجاوزوا عمر العاشرة، أصبحوا يتحدثون في “أزمة” دولار وانهيار اقتصادي، وأن طلاب الجامعات تخلّوا عن صفتهم الطلابية مقابل لقب جديد ألا وهو “محلل اقتصادي”!.

من غير الممكن أن تكون في لبنان، ويمضي عليك يوم واحد دون سماع تلك العبارات الرنانة التي تتحدث عن انهيار اقتصادي قادم لا محالة. كيف لا والشعب يعيش حالة من حالات الأزمات الاقتصادية الكبيرة. وبعد استطلاع رأي بسيط أجراه موقع ” السياسة” مع عدد من المواطنين الكادحين الذين تمر بهم الأيام كأنها سنين. البعض كانت ردة فعله بالقول: “مافي دولار لا بالبنك ولا عند الصراف، منطلع عالمريخ منشتريه يعني؟!”، قد تبدو هذه العبارة مضحكة إلّا أنها حقيقية بكلّ كلمة فيها. فعملياً، البنوك أوقفت عمليات سحب الدولار من صرّافاتها الآلية (ATM )، وأصبحتَ مضطراً لدخول البنك وطلب المبلغ الذي يرونه هم مناسب لـ “الوضع”. أما الصرافون “فحدث ولا حرج”، لن يقوموا بأي عملية تصريف للدولار قبل أن تتحلحل “الأزمة”، والناس هنا وقعت بين “نارين”.

يوضح أحد الشبان الجامعيين في حديث لـ “السياسة” أن قسطه الجامعي يُسدد بالدولار، لكن في ظل هذه الظروف حاول تسديده باللبناني، فطلب من البنك تسديد 600 ألف ليرة لبنانية بدلاً من 400 دولار، الا أن طلبه رفض، فما كان منه إلّا أن لجأ إلى الجيران والأقارب، الذين صدموه بأن كلّ ما لديهم هو “لبناني”.

وعلى غرار هذا الشاب هناك الكثيرين، فيكفي أن تمشي في الشارع وتسأل عن “الدولار” لتبدأ الأحاديث ولا تنتهي. البعض أخبرنا أنه لا يتمكن من تسديد دفعات القرض للبنك بسبب عدم توافر الدولار. والبعض الأخر أكد أنه غير قادر على إجراء عمليات سحب “بالدولار” من البنك لأن الحساب البنكي ليس باسمه. أما التجار الذين يستوردون قطعهم الإلكترونية وغيرها لا يحسدون على موقفهم. ناهيك عن من أطلعنا بأنه أراد السفر وتفاجأ بعدم قدرته على تصريف أمواله اللبنانية إلى دولار!

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر مختلف قليلاً، فالناس تتحدث عن تعاستها في الحقيقة “لتفرغ” ما في داخلها على تويتر وفيسبوك، حيث تداول الكثيرون هاشتاغ “#الليرة_مستقرة”، ساخرين من حال الليرة وحالهم، أما البعض الأخر تحدث عن الانهيار القادم بطريقة ساخرة كمن يضحك فوق جراحه.

أما القسم الأكبر من متصفحي وسائل التواصل الاجتماعي وضعوا اللوم على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي صرح بالأمس بأنه سيصدر تعميماً يوم الثلاثاء المقبل ينظم فيه تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار.

وفي هذا السياق يعتبر البروفيسور جاسم عجاقة ‘أن الناس تقوم بسحب الدولار من المصارف ليضعوها في منازلهم أو ليستخدموها كوسيلة للتجارة وهنا المشكلة. ويضيف في حديث لـ “السياسة” أن ” من وجهة نظر الدولة لا يمكن السماح بسحب الدولار فذلك سيتسبب في إفلاس الدولة، خاصة في ما يتعلق بتجارة الدولار التي ازدادت في الآونة الأخيرة في الكثير من المناطق”.

ويؤكد عجاقة أن “المسؤولية الأساسية تقع على الدولة بسبب حاجتها للأموال وخاصة العملة الأجنبية، لكن من وجهة نظر مصرفية لا مشكلة فالدولار موجود وبكمياته الصحيحة، وكل من يستخدم القطاع المصرفي بالكامل، أي على سبيل المثال شركة تمتلك حسابا بالدولار في أحد البنوك وتدفع للمورد بالدولار لن تعاني من أي مشكلة، لأن البنك بسهولة قادر على تحويل المبلغ من حساب إلى آخر”.

أما عن البيان الذي سيصدر يوم الثلاثاء، يكشف عجاقة أن الأمر لا يتعدى كونها آلية اقتصادية ستُقدم من أجل وضع الأسس السليمة لدعم البنزين والقمح والأدوية، أي أساسيات حياة المواطن التي لا يمكن التلاعب بها.

وبين “الليرة المستقرة” من وجهة نظر حاكم مصرف لبنان، و”الليرة المستقرة” من وجهة نظر المواطنين، فرق شاسع…فرق قادر على توسيع الفجوة بين المواطنين والدولة، لدرجة أصبح الناس لا يثقون بدولتهم التي “تمنع” عنهم الدولار، والدولة لا تثق بمواطنيها الذين يتاجرون به، متناسين جراحهم وجراحها.

Print Friendly, PDF & Email
Source موقع السياسة