Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

خطة لبنان الاقتصادية تواجهها تحفظات على زيادة الضرائب

حالة طوارئ لتحسين مداخيل الخزينة ومنع ارتفاع العجز

الشرق الأوسط | يوسف دياب

استنفرت الدولة اللبنانية بكلّ قياداتها وأحزابها، لتجنّب الانهيار الاقتصادي الذي يهدد البلاد، خصوصاً إذا مضت وكالات التصنيف الدولية بخفض التصنيف الائتماني للبنان، ووضعت القيادات السياسية نفسها أمام مهلة زمنية لا تتعدى الستة أشهر، لانتشال الوضع الاقتصادي من أزمته، عبر إعلانها خطة طوارئ تستدعي اتخاذ قرارات صعبة ومؤلمة، في وقتٍ سارعت أطراف مشاركة في اللقاء الاقتصادي والمالي الذي عقد في قصر بعبدا يوم الاثنين وأولها «حزب الله»، إلى رفض بنود أساسية في الخطّة لا سيما تلك المتعلّقة بفرض بعض الضرائب، فيما حذّرت مصادر متابعة من أن «تطال الخطّة الطبقة الفقيرة والمتوسطة وتستثني الأثرياء».

ورغم أن اجتماع بعبدا الذي ضمّ رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الحكومة سعد الحريري، ورؤساء الكتل النيابية ووزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لا يتمتع بصفة دستورية، ولا يمكنه اتخاذ قرارات، فإن رمزيته تتمثل بتوفير الغطاء السياسي للقرارات التي ستتخذها الحكومة، أو القوانين التي سيقرها مجلس النواب، ورأى الخبير المالي والاقتصادي الدكتور جاسم عجّاقة، أنه «منذ اتفاق الطائف في العام 1989 أصبح لبنان ملزماً بالتوافقات، إذ لا يمر قرار من دون أن توافق عليه كلّ الأطراف سواء الطوائف أو الأحزاب»، معتبراً أن أي ورقة إصلاحية تحتاج إلى غطاء سياسي.

ولفت عجاقة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن لبنان «يعاني من مشكلتين أساسيتين، الأولى تكمن في التخبط السياسي الذي يشلّ البلد، والثانية تتمثل بالفساد المحمي سياسيا»، آملاً بأن «تعالج ورقة بعبدا هاتين المشكلتين، وإذا تم تنفيذ البنود الواردة فيها، فيمكن أن ننقل لبنان إلى برّ الأمان، رغم أن التجارب التاريخية مع الحكومات السابقة غير مشجعة».

وأوضح عجّاقة أن الخطة «تتضمّن رفع الضريبة على القيمة المضافة للكماليات حتى 15 في المائة، وتجميد الرواتب والأجور لموظفي القطاع العام لمدة ثلاث سنوات، (أي عدم دفع حوافز ودرجات ترقية طيلة هذه المدّة مع حفظ حقوق الموظفين وإعادة تسديدها بعد ثلاث سنوات)، ووضع حدّ أدنى وحدّ أقصى لسعر صفيحة البنزين، ورفع الضريبة على فوائد الحسابات المصرفية من 10 إلى 11 في المائة»، لافتاً إلى أن «أغلب الموجودين في اجتماع بعبدا عارضوا هذا الأمر، حتى أن النائب محمد رعد، رئيس كتلة نواب (حزب الله)، خرج من الاجتماع وأعلن أن لا ضرائب جديدة ولا مساس بالأجور، وهذا ما تم تأجيله إلى موازنة العام 2020».

وتشكك أطراف سياسية بقدرة الدولة على تطبيق هذه الخطة، رغم خطورة الوضع الاقتصادي، وأوضح عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب وهبي قاطيشا، أن «أغلب بنود ورقة بعبدا قدمتها (القوات اللبنانية) إلى مجلس الوزراء منذ ثمانية أشهر ولم يأخذوا بها». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العبرة في التنفيذ وليس بصياغة الأوراق والخطط». وقال: «ليسوا جديين في معالجة التهريب عبر المعابر البرية والمرافئ البحرية وفي المطار، ولا في معالجة أزمة الكهرباء والنفايات، وهذه يمكن تطبيقها بقرار من الوزير المختص». واستبعد قاطيشا أن تأخذ طريقها للتنفيذ، وأضاف: «عندما أقرّ إعلان بعبدا (في العام 2012 في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان لتحييد لبنان عن أزمات المنطقة)، انتظر (حزب الله) أسبوعاً لينعى هذا الإعلان، لكن بالأمس (الاثنين) خرج النائب محمد رعد، وأعلن على باب القصر الجمهوري رفضه تطبيق هذه الخطة، وهذا يظهر عدم جدية الفرقاء الذين يمسكون بالمؤسسات الربحية بعدم معالجة الأزمة بدءاً من الكهرباء».

وتزامنت الخطة المشار إليها، مع إعلان حالة طوارئ اقتصادية، من دون معرفة طبيعتها، لكنّ الخبير جاسم عجاقة لفت إلى أن «حالة الطوارئ تفرض عقد اجتماعات مكثفة للحكومة، بوتيرة لا تقل عن جلستين أو ثلاث في الأسبوع الواحد، وعدم تخطّي عجز موازنة العام 2019 المحدد بـ5.75 في المائة، خصوصاً أن المصارف اللبنانية فقدت القدرة على تمويل عجز الموازنة، ليس لعدم توفر الأموال، بل لأن المعايير الدولية تلزم القطاع المصرفي بالحفاظ على نسبة رأسمال عالية»، مشيراً إلى أن «حالة الطوارئ تستدعي أيضاً تكبير حجم الاقتصاد، لزيادة مداخيل الخزينة العامة، بالإضافة إلى عدم إهمال تفشّي حالات الفقر في المجتمع اللبناني».

من جهته، رحّب الحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة النائب السابق وليد جنبلاط، بنتائج اجتماع بعبدا، واعتبر وزير الصناعة وائل أبو فاعور في تصريح، أن «الاقتراحات التي قدمها الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري هي مقدمة لمعالجة الوضع، وعلينا أن نواجه الصعوبات الهائلة التي حددها وزير المال (علي حسن خليل) وحاكم مصرف لبنان (رياض سلامة)»، مؤكداً أن جنبلاط «أبلغ المجتمعين في بعبدا، أن السبب الأساسي للعجز يكمن في الكهرباء، ودعا إلى اعتماد الموضوعية في معالجة هذا الملف». وكشف أبو فاعور أن جنبلاط «اقترح على المشاركين في لقاء بعبدا فرض ضريبة على أوقاف الطوائف، والاستفادة من أملاك الدولة بشكل فعّال».

Print Friendly, PDF & Email
Source الشرق الأوسط الجريدة