Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

معاقبة “جمّال تراست بنك” هي قرار سياسي ولا خوف على المصارف

عجاقة: رسالة أميركية الى لبنان بأن واشنطن تصدّق رواية تل أبيب

أخبار اليوم | أنطون الفتى

قد لا تخرج العقوبات التي تمّ فرضها على “جمّال تراست بنك” عن إطار الردّ الأميركي على الموقف اللبناني الذي أعلنه رئيس الجمهورية ميشال عون تجاه “عمليّة الضاحية”، والذي اعتبر فيه أن العدوان الإسرائيلي هو بمثابة “إعلان حرب”. فأتى الردّ الأميركي بعد أيام، مالياً.

ولكن الأخطر، هو أن تكون العقوبات على المصرف نفسه رسالة تؤشّر الى حجم الردّ المُحتَمَل، أميركياً، على أي ردّ من قِبَل “حزب الله” على تلّ أبيب.

المؤشّرات الخطيرة، تتعدّى ذلك المصرف، لتطال المسار الذي يُمكن للولايات المتحدة أن تسلكه مستقبلاً مع القطاع المصرفي اللبناني، في ما لو “نقمت” واشنطن على بيروت أكثر، بسبب ملف “حزب الله” وأنشطته. والخطورة يُمكن تلمّسها من خلال ما قاله وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإستخبارات المالية والإرهاب سيغال مندلكر، وهو أن “مؤسسات مالية فاسدة مثل “جمّال تراست بنك”، تشكّل تهديداً مباشراً لسيادة لبنان، كما لنظامه المالي…”. كما من كلام نائب وزير الخزانة الأميركية مارشال بيلينغسليا، الذي اعتبر أن “حزب الله يعرّض لبنان لمخاطر إقتصادية ومالية كبيرة بلا أي داعٍ…”. وقال:”نحن اتّخذنا هذا الإجراء لحماية القطاع المصرفي اللبناني وتحصينه ضدّ الإستغلال…”.

ولكن القرار الأميركي يظهر أنه سياسي بامتياز، إذ إن الإتّهامات التي سيقت بحقّ المصرف المُعاقَب تتطلّب تحقيقات ذات مدّة زمنيّة طويلة جداً، لم تحصل في أيام معدودة. وبالتالي، إذا كان “جمّال تراست بنك” قام بالفعل بكلّ ما اتّهم به، فلماذا احتفظت واشنطن بحقّ معاقبته الى الآن؟

المحصّلة قد تعني أن النظام المصرفي المالي اللبناني بات أكثر فأكثر، ضمن مظلّة المشيئة الأميركية. فواشنطن هي التي تحدّد المؤسّسات المالية “الفاسدة”، وتقدّر المخاطر على الدّولة اللبنانية. وإذا كان المصرف المُعاقَب حالياً، مرتبطاً بالفعل بأنشطة كتلك التي اتُّهم بها، فماذا يمنع مستقبلاً، وعند أي تبايُن أميركي – لبناني (وحتى حالياً في ما يتعلّق بحجم ردّ “حزب الله” على إسرائيل) أن يتمّ تحديد المصرف X أو Y على أنه مؤسسة مالية “فاسدة”، يجب معاقبتها؟؟؟…

توقيت…

أشار الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة الى أن “توقيت إعلان العقوبات على مصرف “جمّال تراست بنك” هو سياسي بحت، لأنهم يحاسبونه على أمور ليست جديدة. وهذا يُظهر أن التوقيت هو سياسي بالفعل”.

ولفت في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أن “من منظار آخر، الرسالة الأميركية واضحة، وتُلخَّص بأن كلّ مؤسّسة أو جهة لبنانية تخالف قوانين العقوبات الأميركية، ستُفرَض عليها عقوبات، وبأن لا جهة لبنانية تنعم بالحماية من ذلك”.

وشدّد عجاقة على أن “هذا الواقع لا يهدّد القطاع المصرفي اللبناني، لأنه وباعتراف الكونغرس الأميركي، يطبّق العقوبات الأميركية بنسبة أكثر من 95 في المئة”.

تصدّق

وشرح:”ما يساعد الولايات المتحدة في هذا المسار، هو حجم اقتصادها، وسيطرتها على عالم المال. ولكنّها لا تهدّد قطاعنا المصرفي ككلّ، بل تركّز رسالتها الى كل من يخرق عقوباتها حصراً”.

وأضاف عجاقة:”الرسالة السياسية الأميركية من جراء العقوبات على المصرف اللبناني تكمُن بالتوقيت، إذ إنه أتى بعد الحادثة الأمنية في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتهديدات “حزب الله” بالردّ، ولا سيّما أن الإسرائيليّين كانوا يحاولون الترويج الى أن هجماتهم في الضاحية وقوسايا تأتي بهدف تعطيل اعتداء كان يتمّ تحضيره لاستهداف إسرائيل. والتوقيت الأميركي للعقوبات على “جمّال تراست بنك” يهدف الى تثبيت الرواية الإسرائيلية من قِبَل الولايات المتحدة الأميركية، وإيصال رسالة أميركية الى لبنان بأن واشنطن تصدّق رواية تل أبيب”.

وختم:”قطاعنا المصرفي ملتزم بتطبيق العقوبات الأميركية في شكل كامل. ولكن الصراع الأميركي- الإيراني بات واضحاً بشدّة في الشرق الأوسط، وهو يحصل على جبهات عدّة، والعقوبات هي إحدى تلك الجبهات”.

Print Friendly, PDF & Email
Source وكالة أخبار اليوم