Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

هل سيكون لبنان في مرمى الوصاية الدولية؟

إي نيوز | حنان حمدان

تخوفات بالجملة أثارها تردي الأوضاع الإقتصادية والمالية وتأزمهما مؤخراً، ولاسيّما ما تلى إنعقاد مؤتمر “سيدر” من حديث عن قروض مشروطة قد تتسبب بوضع لبنان تحت وصاية إقتصادية دولية، فهل سيكون لبنان “اليونان” الثاني؟

ضمّ مؤتمر “سيدر” 50 دولة لتقديم قروض إستثمارية للبنان، بلغت قيمتها 11 مليار و800 مليون دولار أميركي منها ما يُقارب الـ 500 مليون دولار أميركي هبات “مشروطة”، فلبنان لن يستفيد من هذه القروض ما لم تطبّق الحكومة التعهدات التي إلتزمت بها وهي بمثابة شروط. وبالتالي لن يكون لبنان حراً في قراراته الإقتصادية بعد هذه الشروط، وأكثر من ذلك، هناك تخوف من عدم إلتزام لبنان بسداد قيمة هذه القروض وفوائدها، ما يعني إحتمال وضعه تحت الوصاية الإقتصادية الأجنبية مثلما حصل في اليونان.

يقول الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي لـ”إي نيوز” إنّ “التبعية والإرتهان والحاجة الى المال الخارجي المشروط لتمويل الدول العاجزة مالياً من دون الإلتفات الى الأمور الاجتماعية واهتمامات المواطن، هي عنوان الوصاية الإقتصادية”، ويضيف إنّ لبنان “في الوقت الراهن إستنفد قدرته على تسديد العجز وتضاءلت السيولة في المصارف، وكثرت الشروط الخارجية عليه والتي تبلورت في السياسات التقشفية التي سعت إليها الدولة مؤخراً، بخفض الإنفاق ذات الطابع الإجتماعي، وفرض ضرائب جديدة على المواطنين”.

واعتبر يشوعي أنّ “الدولة تمر بوضع مالي صعب جداً، لأسباب داخلية تتعلق بالسياسات النقدية والمالية، وأسباب خارجية كالدخول في سياسة المحاور”، مضيفا و”لحل أزمات لبنان المالية تسعى الدولة للإستدانة أكثر، ما يعني أنّ لبنان على طريق الوصاية الإقتصادية”.

في مقارنة بسيطة يتبين وجود أوجه شبه كثيرة بين لبنان واليونان، وفق ما يؤكد الخبير الإقتصادي جاسم عجاقة لـ”إي نيوز”. ففي اليونان ولبنان “سبق الأزمة نموّ كبير تخطى 7 في المئة، وكان مستوى الدين العام الإجمالي أعلى من 10

وعلى الرغم من أوجه الشبه هذه بين اليونان ولبنان، يؤكد عجاقة وجود “أوجه إختلاف بين البلدين أيضاً”، منها، أنّ “لبنان لديه نفط وغاز، والقطاع المصرفي فيه يفوق 4 مرات الناتج المحلي، على عكس القطاع المصرفي اليوناني. ولبنان اليوم يشكل مدخلاً لإعادة إعمار سوريا، وبالتالي مستقبلنا واعد، وهذا ما يجعلنا غير متشابهين بالكامل”.

وفي هذا السياق يوضح عجاقة “في ما يتعلق بالأرقام المالية، فإنه مما لا شك فيه يوجد تشابه من حيث الأرقام المالية بين لبنان واليونان. وهناك فارق مهم أيضاً هو مساعدة الإتحاد الأوروبي لليونان، وهذا لن يتوفر في لبنان”.

ويضيف عجاقة “أما في ما يخص مؤتمر “سيدر”، إذا تعثر لبنان مالياً، ولم يتمكن من سداد كامل إلتزاماته المالية سيتدخل صندوق النقد الدولي، وعندها سيكون حتماً لبنان تحت الوصاية الإقتصادية، مثلما حصل في مصر واليونان”.

في المحصلة، يتبين أنّ بين لبنان واليونان أوجه شبه كثيرة ولكن هناك أوجه إختلاف كثيرة أيضاً، ما يعني أنّه ليس بالضرورة أنّ يسير لبنان على نفس طريق اليونان، إلّا إذا استمر على نفس الطريق لناحية الإنفاق العام، وبالتالي سيصبح مرغما ليكون تحت وصاية صندوق النقد الدولي، وفق عجاقة.

على مقلب آخر، يرى خبراء إقتصاد أنّ الحكومة تستورد حلولًا أجنبيّة عبر خطة “ماكنزي” من أجل إنقاذ الإقتصاد اللبناني بمخطط لا يشبه واقع البلاد والشعب، وبذلك تثبت سياسة الإستدانة مجددًا كأمر واقع، وتربط الإصلاحات بزيادة الضرائب، ما سيمهد حتماً لفرض وصاية إقتصادية خارجية، تمنع لبنان من الإستفادة من مصادر الطاقة (النفط والغاز) بحجة إنقاذه من أزمته.

ويذكر أنّ أزمة الدين الحكومي اليوناني، هي أزمة مالية حصلت في العام 2010، وتدخل آنذاك الإتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، لتفعيل خطة إنقاذ تتضمن قروضاً لمساعدة اليونان وتجنبه خطر الإفلاس والتخلف عن سداد ديونه، وكانت معدلات الفائدة على السندات اليونانية قد إرتفعت، نتيجة مخاوف بين المستثمرين من عدم قدرتها على الوفاء بديونها، مع ارتفاع معدل عجز الموازنة وتصاعد حجم الدين العام. فقدمت لها المساعدات الدولية مقابل تنفيذها جملة إصلاحات اقتصادية واجراءات تقشف تهدف إلى خفض العجز بالموازنة العامة.

Print Friendly, PDF & Email
Source enews