jassemajaka@gmail.com
مخاوف من ارتفاع عشوائي للأسعار بعد زيادة رسوم الاستيراد في لبنان
تشديد على الرقابة ومنع التهريب لحماية مكاسب القرار
الشرق الأوسط | كارولين عاكوم
أتى قرار لبنان زيادة الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة في موازنة عام 2019، ليزيد من مخاوف المواطنين من ارتفاع عشوائي للأسعار بعيداً عن المراقبة والمحاسبة.
وانقسمت الآراء السياسية والاقتصادية حيال هذه المادة، وعبّر بعض النواب عن رفضهم لها خلال مناقشة الموازنة الأسبوع الماضي، فيما يرى الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أن هذا الإجراء جيّد ومن الممكن أن ينعكس إيجاباً على الاقتصاد، «شرط التقيد بالقانون وبالتالي تبقى العبرة في التنفيذ».
وتشمل هذه الزيادة البضائع المستوردة التي تخضع للضريبة على القيمة المضافة باستثناء البنزين والمواد الأولية للصناعة والزراعة. وينتظر أن تصدر وزارة الاقتصاد لائحة بهذه البضائع من المتوقع أن تطال نحو 55 في المائة من السلع التي يستوردها لبنان، وأهمها الإلكترونيات والسيارات والملابس وبعض المواد الاستهلاكية، وهو ما يقدّر بـ12 مليار دولار من أصل الواردات الإجمالية التي تصل إلى 20 مليار دولار سنوياً.
وبعدما كانت قد ارتفعت الأصوات المعترضة على هذه المادة محذّرة من التلاعب بالأسعار ورفعها بشكل عشوائي، أكد وزير الاقتصاد منصور بطيش أن «رسم 3 في المائة على البضائع المستوردة يطال فقط نصف المستوردات»، مطمئنا اللبنانيين لناحية غلاء المعيشة بأن وزارة الاقتصاد والتجارة ستكون العين الساهرة على مصالحهم، ومعلناً أن هذا الرسم سيزيد إيرادات الخزينة بين 350 و360 مليون دولار سنوياً.
ويشير عجاقة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى انحيازه لهذا الرسم انطلاقاً من الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه لبنان وفي ظل فتح الأسواق اللبنانية من دون حسيب أو رقيب والتهريب غير الشرعي كما التهرّب الضريبي.
ويعطي الولايات المتحدة مثالاً على فرض رسوم وصلت إلى 25 في المائة على بعض البضائع المستوردة، وذلك ضمن السياسة الحمائية التي تعتمدها، وهو الأمر الذي يحتاج إليه لبنان، حيث الماكينة الاقتصادية ضعيفة. ويضيف: «لذا بإمكان هذه الخطوة أن تحمي الشركات اللبنانية وتمنحها فرصة لتوظيف العمال اللبنانيين وتصريف الإنتاج اللبناني بفارق لافت في الأسعار».
هذا في الشكل، أما العبرة فتبقى في التطبيق، بحسب ما يؤكد عجاقة، ويقول: «تجربتنا في لبنان غير مشجعة ونتوقّع فشل هذه الخطوة لأن المشكلة دائماً تبقى في عدم تطبيق القوانين أو اتباع سياسة الانتقائية في تطبيقها، لذا فإن الاستفادة من انعكاسات هذا الرسم تتطلب بالدرجة الأولى الرقابة الحثيثة على الأسعار للتأكد من الالتزام بها، وعدم استغلال التجار لها لفرض زيادة عشوائية على كل الأصناف على غرار ما يحصل دائماً». وهنا يلفت إلى أن بعض الزيادات قد تتخطى 3 في المائة نتيجة تدوير الأسعار، مشدداً في الوقت عينه على أنه يفترض ألا تكون هذه الزيادة مرتفعة.
أمر آخر يشير إليه عجاقة وهو التهرّب الضريبي المستمر على الحدود البرية والبحرية باعتراف المسؤولين أنفسهم، محذراً من تفاقمه نتيجة فرض هذا الرسم، ومشدداً على ضرورة وضع حد له. مع العلم بأنه وفي هذا الإطار، وإضافة إلى اعتراف مسؤولين كان آخرهم وزير المال علي حسن خليل بوجود 136 معبراً غير شرعي على الحدود اللبنانية – السورية، فإن وزير الدفاع إلياس أبو صعب أقرّ في حديث تلفزيوني بأن 90 في المائة من عمليات التهريب لا تتم عبر المعابر غير الشرعية وإنما الشرعية الرسمية.
وكان نواب رفضوا التصويت على هذا البند، معتبرين أنّ الرسم الإضافي سيؤدي إلى خلق حالة غلاء معيشة على كل المستويات، وهو ما لفت إليه رئيس «حزب الكتائب» النائب سامي الجميل والنائب في الكتلة نفسها إلياس حنكش، وطالب بإلغائه.
وأكد وزير الصناعة وائل أبو فاعور، أمس، أن أي سلعة محلية تتعرض للإغراق ستتم حمايتها، مشيراً إلى أن هناك الكثير من المعالجات يتم العمل عليها من أجل استنهاض القطاع الصناعي. وأضاف أن «هناك حملات تقول إننا نريد تغيير تركيبة لبنان الاقتصادية. وهذا شرف كبير لنا أننا نسعى إلى تحويل الاقتصاد من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج».
وقال أبو فاعور: «انطلق قطار الحماية مع عدد من القرارات والباب مفتوح لمواجهة أي محاولات إغراق ومنافسة غير مشروعة، إضافة إلى ذلك، بدأت مفاعيل الإجراءات التسهيلية التي اتخذتها الوزارة تظهر تباعاً، من خلال الإقدام على فتح مصانع جديدة وزيادة التصدير مقارنة مع النسب المحققة في السنة الماضية».