Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

لبنان: محاولات حكومية لاحتواء العاصفة بعد تسريب الإجراءات التقشّفية

القدس العربي | سعد الياس

وإذا كان موعد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء مرهوناً بالتفاهم على المخارج المقبولة لتقليص أرقام الموازنة، فإن “القدس العربي” طرحت جملة أسئلة على الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة حول حقيقة خفض الرواتب بنسبة 15 في المئة وما يُحكى عن مخاطر انهيار مالي وسبل معالجة العجز عن غير طريق خفض الرواتب وإذا اقتربنا من نموذج اليونان، فأعرب عن اعتقاده “أن طرح خفض الرواتب سقط نظرًا إلى ردّة الفعل في الشارع. لكن بالمطلق هناك إستحالة على ثلاثة أصعدة: سياسيًا، تقنيًا واقتصاديًا”. أوضح “قانونيًا: المجلس النيابي أقرّ سلسلة رتب ورواتب للقطاع العام في آب/اغسطس العام 2017. وطرح تخفيض الرواتب 15 في المئة (أو غيره) سيكون نوعاً من تعديل سلسلة الرتب والرواتب مما يعني أن السلطة السياسية فقدت مصداقيتها! ناهيك عن التداعيات الاجتماعية التي ستنتج عن هكذا إجراء والتي ستُترّجم بتظاهرات لن تصمد معها الحكومة! تقنيا: هناك إشكالية أساسية تأتي من منطلق أن الأشخاص الذين اقترضوا من المصارف بعد إقرار السلسلة سيتواجدون في حالة إفلاس ناتجة عن تعديل القوانين. وهنا يُطرح السؤال عن الوضع القانوني لهولاء الأشخاص ومن سيتحمّل الكلفة المالية.

اقتصاديا: خفض السلسلة سيؤدّي حكمًا إلى خفض الإستهلاك بمعدّل 1 إلى 2 وبالتالي سيكون هناك إنكماش اقتصادي في وقت نحن في حاجة إلى نمو اقتصادي. وكلنا يتذكّر الإنكماش الذي دخل فيه لبنان في العام 2000 على إثر السياسة التقشّفية التي قامت بها حكومة الرئيس سليم الحص”.

*هل هناك أبواب أخرى تكفي من دون المس بالرواتب وما هي؟

**هناك العشرات من الإجراءات التي توفّر للدوّلة مدخولاً من دون المساس بأجور القطاع العام: التهرّب الضريبي، التهريب الجمركي، والتخمين العقاري، والتهريب عبر الحدود، المناقصات العمومية، والأملاك البحرية والنهرية، والتجهيزات، اللجان…إن عدم الأخذ بهذه النقاط سيتمّ تفسيره من قبل الأسواق المالية على أنه رغبة بعدم محاربة الفساد وبالتالي سيكون هناك ردّة فعل من قبل هذه الأسواق. *هل في الإمكان رفع الفوائد على الودائع في المصارف من 7 الى 10 في المئة؟ **نعم هذا الأمر مُمكن ومنطقي بالنظر إلى الأموال التي تنتجّ على الفوائد للمودعين. وبالتالي فإن 10 في المئة من إجمالي الفوائد حصّة مقبولة للدوّلة فهي من تدّفع هذه الفوائد في الدرجة الأولى وبالتالي فإن هذا الأمر سيُشكّل دخلًا مهمًا يوازي 600 إلى 800 مليون دولار أمريكي. *هل سنشهد زيادة خمسة آلاف ليرة على سعر صفيحة البنزين؟ **لا نعتقد أن مثل هذا الإجراء شعبي وبالتالي فإن السلطة السياسية ستتفاداه نظرًا إلى الضرر الذي ستتحمّله نتيجة مثل هذا الإجراء. لكن بالمنطق ضريبة بقيمة 1000 ليرة فقط ستجّلب للدوّلة اللبنانية ما يوازي 100 مليار ليرة لبنانية وهذا الأمر يُمكن أن يمرّ كإجراء بين المواطنين.

* أين نحن من الهاوية المالية وهل اقتربنا من تجربة اليونان؟ **هناك أوجه تشابه كثيرة بين لبنان واليونان: مستوى الدين العام من أعلى المستويات عند بدء الأزمة (أعلى من 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) التضخم مشكلة الاقتصادين في فترة ما قبل الأزمة وخلالها مع ركود في الاقتصاد؛ العجز العام في الميزانية مزمن وسبق الأزمة بسنوات ليأخذ أبعاداً كبيرة عند بدء الأزمة؛ مستوى الأجور المرتفع في الحالتين. لكن أوجه التشابه هذه يُقابلها أوجه اختلاف تجعل من لبنان بوضع أفضل بكثير: الدين العام اللبناني في معظمه دين داخلي وبالتالي فهو ليس عرضة لتجاذبات الأسواق، لبنان يحوي نفطاً وغاز مع حصّة تتجاوز 200 مليار دولار أمريكي صافي في أقل تقدير، وحجم القطاع المصرفي يتجاوز الـ 240 مليار دولار أمريكي وهو أكبر بكثير من دين لبنان العام المقدّر ب 86 مليار دولار.

Print Friendly, PDF & Email
Source القدس العربي