Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

نظام العمالة الأجنبية في لبنان عبودية مبطنة أم قانون منقوص

سبوتنيك | ريما زهار

يصل عدد العاملات المنزليات المسجلات رسمياً في لبنان القادمات من الفيليبين وأثيوبيا وبنغلادش والنيبال وغيرها إلى نحو 180 ألفاً، بحسب أرقام وزارة العمل عام 2017، تخضعن لنظام كفالة أصحاب العمل للعمال، مما يعرض العاملات في بعض الأحيان إلى التعنيف والاستغلال.

وبحسب ما أفادت به صاحبة مكتب لاستقدام العاملات الأجنبيات للخدمة المنزلية في لبنان أن “البداية تكون بتقديم الكفيل، أي صاحب العمل، للمكتب الذي يعتبر الوسيط طلب لاستقدام عاملة، ونحن بدورنا نريه أكثر من جواز سفر لعاملات بغض النظر عن الجنسية التي يطلبها، ويختار ما يناسبه، ونتقدم بطلب لوزارة العمل وبعد فترة معينة تصدر الموافقة من الوزارة، ويحضر الكفيل الأوراق المطلوبة من الأمن العام اللبناني، يستلم المعاملة ومن ثم يقدمها إلى الأمن العام، وبعد 12 يوماً يستلم التأشيرة ويعطينا نسخة عن الـتأشيرة وبموجب هذه التأشيرة نتواصل مع المكتب الخاص بها في بلدها، ونحجز لها تذكرة سفر لتأتي إلى لبنان، وعندما تصل مطار بيروت، الكفيل أو من ينوب عنه هو من يستلمها”.

وتتابع صاحبة المكتب لـ “سبوتنيك”: “من ضمن الأوراق التي يطلبها الأمن العام، على الكفيل أن يتعهد عند كاتب العدل أنه مسؤول عن كافة إحتياجات العاملة، وهذه ورقة ضرورية يطلبها الأمن العام لإعطاء التأشيرة، والعقد يكون على سنتين”.

وأضافت: ” نحن نحاول قدر المستطاع متابعة أوضاع العاملة مع الكفيل، وإذا صادفت لدينا حالة أن العاملة تتعرض للتعنيف أو المعاملة السيئة نحاول أن نأخذها من منزل رب العمل ونبلغ سفارتها أو الأمن العام اللبناني”.

ويقول رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان بديع الأسمر لـ”سبوتنيك” إنه بحسب إحصائيات وزارة العدل والأمن العام هناك حوالي 150 ألف إلى 200 ألف عاملة أجنبية موجودة في لبنان وأعتقد يضاف إليهم حوالي 30 او 40 ألف متواجدين بصفة غير شرعية، وعملياً الرقم يدور حول ال 200 ألف”.

وأشار إلى أنه “في لبنان كما في العديد من الدول العربية مقاربة العمالة الأجنبية هي دائماً مقاربة دونية، وفي لبنان خاصة نحن نتكلم هنا عن العمال المهاجرين الذين يعملون في الخدمة المنزلية أو ما يسمى الفئة السادسة أو السابعة في قانون العمل اللبناني أي الذين يعملون في المهن التي تعتبر أقل شأناً، لذلك هناك نوع من الاستهتار بحقوقهم واعتبارهم كأنهم أشخاص من طبقة ثانية أو من فئة أقل شأناً من العمالة الأحنبية الواردة من أوروبا أو من الدول الغربية ولذلك يوضع عليهم شروط تحرمهم من الحماية القانونية”.

وشدد على أن المركز اللبناني لحقوق الإنسان يعتبر أن ال 200 ألف عامل أجنبي هم ضحية إنتهاك أولي وهو العبودية لأن قانون الكفالة لا يعطيهم أي حق، يضعهم في وضعية عبودية، هذا هو الإنتهاك الأول، و”هيومن رايتس واتش” قامت بدراسة، ومن يراقب الإعلام اللبناني يكتشف أن هناك معدل إنتحار عاملة أجنبية كل أسبوع، ويصنف الإنتحار وقوع من الشرفات أو غيره، وللأسف لا يجري تحقيق جدي لأنه لا نعلم إذا كان هذا الحادث إنتحار أو قتل أو إنتحار بسبب التحرش أو ضغط العمل.

وإذ يؤكد الأسمر أنه من الصعب إحصاء الإنتهاكات الأخرى لأنها إنتهاكات تدور في مكان مغلق   ولا يوجد أي ثقة من العاملات الأجنبيات للجوء إلى القضاء، آخر عملية لجوء إلى القضاء من قبل عاملتين من كينيا اللتان تعرضتا للضرب في بيروت، تم ترحيل إحدى الضحايا قبل صدور الحكم، وعملياً كأننا نرسل رسالة إلى العمال الأجانب أنهم في حال تعرضتم لإنتهاك حقوقكم الأفضل أن لا تلجأوا إلى القضاء لأنكم سوف ترحلون من لبنان.

وعما إذا كان هناك فروقات بين نظام عمل الأثيوبيات والجنسيات القريبة منها بنظام عمل الفلسطينيين والسوريين، أم أن قانون العمل يطبق على كافة شرائح العمالة الأجنبية في لبنان، يقول الأسمر:” هناك فرق، عملياً ليس لذلك علاقة بالجنسية لها علاقة بنوع العمل، يعني الفلسطيني وضعه مختلف لأنه يحق له ببطاقة عمل يحق له العمل في مهن معينة ولكن غير مجبر بكفيل يستطيع تغيير رب العمل، جواز سفره يبقى معه، وكذلك السوري لديه كفيل ولكن لا يخضع لنظام الكفالة بنفس الوضع الذي يخضعوا له عاملات المنازل، لأنهم حالة خاصة وهم تحت رحمة أرباب العمل”.

وحول نية وزير العمل اللبناني تشكيل لجنة لدراسة تعديل قانون العمل للخروج من نظام الكفالة يشير الأسمر إلى أن “كل وزير عمل يصل إلى الوزارة يشكل لجنة لإلغاء قانون العمل والوزراء السابقين كذلك شكلوا لجنة، والسؤال الأساسي ما هي مهمات هذه اللجنة، يجب أن تكون مهمة اللجنة إلغاء نظام الكفالة وإيجاد الآلية المناسبة لإدخال العمالة الأجنبية في لبنان خاصة الفئات المهمشة من هذه العمالة تحت حماية قانون العمل اللبناني، وموائمة قانون العمل اللبناني مع القوانين الدولية”.

بدوره يقول رئيس مؤسسة جوستيسيا المحامي بول مرقص إنه “بطبيعة الحال يحق للعامل الأجنبي أن يقدم دعوى قضائية بوجه صاحب العمل اللبناني، والمحاكم اللبنانية تقبل هذه الدعاوى حتى أنها قد مرت بسوابق إيجابية لمصلحة عدد من العمال الأجانب مع الإعتداد بنصوص العقد الذي يكون موقعاً بين صاحب العمل والعامل، وبالتالي يمكن القول أن النظام القانون اللبناني يضمن إلى حدود كبيرة حقوق العمال الأجانب وإن كان بحاجة إلى المزيد من التعديلات القانونية كي يتوافق مع الإتفاقات والعهود والمواثيق العالمية لحقوق الإنسان”.

وأشار مرقص إلى أن وزير العمل الجديد منكب على تطوير قانون العمل بجدية تامة كي تتلائم النصوص الوضعية في القانون اللبناني مع أحكام الإتفاقات الدولية علماً أنه في الوضع الراهن الإتفاقيات الدولية تتقدم على القانون الداخلي وإن كان هذا القانون الداخلي غير مؤتلف معها وذلك بمقتضى المادة 2 من قانون أصول المحاكمات المدنية التي تغلب في التطبيق أحكام القانون الدولي على أحكام القانون الداخلي اللبناني، ويحكم بها القاضي اللبناني بالأولوية على القانون الوضعي الداخلي وهذا راهناً مع إنتظار ما سيحمله وزير العمل الجديد من تعديلات إيجابية أكثر ومتقدمة لناحية تطوير قانون العمل ونظام الكفالة وسائر القوانين الاجتماعية المرتبطة”.

وأكد أن ثمة إطار قانوني يحفظ حقوق العمال الأجانب بالحد الأدنى وهو بحاجة إلى تطوير، ولكن ليس ما يمنع إلى حين إتمام هذا التطوير على يد وزير العمل الحالي، أن تتقدم الإتفاقيات الدولية التي لم يأخذ بها القانون الداخلي اللبناني لغاية تاريخه على هذا القانون الداخلي بمقتضى أصول المحاكمات المدنية.

وأشار إلى أن وزير العمل يصدر دورياً لائحة بالمهن التي يحق للعمال الأجانب أن يقوموا بها حسب أنواع المهن وهذا القرار يكون مبنياً على حاجات السوق اللبناني ويراعي أولوية العمل للأجراء اللبنانيين تخفيفاً للبطالة.

بدوره يرى الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة أن “نظام الكفالة يتطلب من العامل الذي يأتي ليعمل هنا في لبنان أن يكون لديه كفيل وهذا الكفيل يأخذ له جواز سفره، والكثير من اليد العاملة الأجنبية وخاصة المصرية تتعرض لإبتزاز من بعض اللبنانيين الذي يندرج عملهم بكفالة العمال الأجانب مقابل أخذ مبالغ مالية حتى من دون أن يعملوا لديهم”.

وأضاف:”بحسب المعلومات التي لدي فإنهم يتقاضون مبلغ 1000 او 1500 دولا بحسب الحالة من العامل، هذا الأمر يمارس مع العديد من الجنسيات التي تعلق بكماشة هؤلاء اللبنانيين”.

وأشار إلى أن “هناك نوعين من الخسارة، خسارة الأموال التي تخرج من خارج الماكينة الاقتصادية اللبنانية بمعنى آخر التحاويل التي يقوموا بهم العمال إلى الخارج وهذا باعتقادي يوازي المليارين دولار في السنة، ولدينا النوع الثاني من الخسارة الناتج عن عدم دفع الضرائب وهو رقم كبير أيضاً.

هذا ويسعى وزير العمل الحالي كميل أبو سليمان إلى تعديل قانون العمل اللبناني لحماية حقوق عاملات المنازل، للخروج من نظام الكفالة.

Print Friendly, PDF & Email
Source سبوتنيك