Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

الاقتصاد الإيراني يترنح مع موجة العقوبات الأميركية الجديدة

معدلات التضخم دخلت مرحلة غير مسبوقة مع نزيف العملة وتفشي البطالة

موجة جديدة من العقوبات الأميركية، ستطال النظام الإيراني وتتزايد معها الصعوبات يوماً بعد آخر، منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران في مايو (أيار) 2018.

Print Friendly, PDF & Email

اندبندنت عربية | غالب درويش

في الوقت ذاته توقَّع خبراء في حديثهم إلى “إندبندنت عربية”، أن يدخل اقتصاد إيران في نفقٍ جديدٍ من التدهور، مع ضعف البنية التحتية، وارتفاع معدلات التضخم والبطالة والفقر، مع انهيار قيمة العملة الإيرانية (الريال) بمقدار 6

في هذا الشأن أعلن مسؤولٌ كبيرٌ بالإدارة الأميركية، أن واشنطن تدرس فرض عقوبات إضافية على قطاعات جديدة من الاقتصاد الإيراني مع قرب مرور عام على انسحاب ترمب من الاتفاق النووي الموقَّع في عام 2015، باعتبار أن الصفقة كانت معيبة، لأنها لم تحدّ من برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني أو دعم وكلائها في سوريا واليمن ولبنان والعراق.

وخلال الأسبوع الماضي، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية بياناً حول عقوبات جديدة على إيران، تستهدف 14 شخصاً و17 شركة، تشمل بنوكاً ومؤسسات مالية، بينها “بنك أنصار”، و”أطلس للصرافة”، وشركة “أطلس”.

التضخم.jpg
مستويات التضخم في إيران. (البنك المركزي الإيراني)

 

ولفت إلى أنه من المعروف أنَّ الحصار، أياً ما كان، له تأثير وتداعيات سلبية اقتصادية، وفي إيران هناك تأثيرات ملحوظة على البنية الاقتصادية والحياة المعيشية متمثلة في زيادة معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة، بلغت 47.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حذَّر تقرير لصندوق النقد الدولي من تضخم غير مسبوق في إيران، قد يصل إلى 3

ونفى الصندوق أي تأثير لركود الاقتصاد الإيراني، في اقتصادات الدول المجاورة، وذلك نظراً إلى محدودية التعاملات المالية والتجارية لدول منطقة الشرق الأوسط مع طهران، واتجاه أسعار خام النفط إلى الارتفاع بالموازاة مع نمو معدلات الإنتاج النفطي في المنطقة.

iran02.jpg
معدلات البطالة في إيران. (البنك المركزي الإيراني)

 

وقف صادرات النفط الإيراني يرفع الأسعار

من جهته أكد المحلل النفطي الكويتي كامل الحرمي، أنه من المستبعد أن يتم وقف الصادرات النفطية الإيرانية بشكل كامل، نظراً إلى التأثيرات اللاحقة لذلك، خصوصاً على أسعار النفط، التي قد تصل إلى ذروتها، وهذا ليس في صالح الاقتصاد الأميركي، وليس في صالح دونالد ترمب أمام الناخبين عند الترشح لفترة ثانية في الانتخابات الأميركية المقبلة عام 2020.

وقال الحرمي، في اتصال هاتفي، “إن العقوبات المفروضة على قطاع النفط الإيراني وتصديره تستهدف خفض الإنتاج بأكثر من مليون برميل يومياً، وهذا يعتبر صعباً في الوقت الحالي، نظراً إلى تأثيره السلبي في الأسعار”. موضحاً: “أن الإعفاءات التي حصلت عليها ثماني دول من الولايات المتحدة، بالحصول على النفط الإيراني لفترة زمنية انتهت في أواخر مارس (آذار) الماضي، لم تفلح في تحفيز إنتاج طهران من الخام”.

وحسب بيانات منظمة البلدان المصدرة البترول “أوبك”، بقي إنتاج إيران النفطي عند أدنى مستوياته المسجلة مطلع 2015، البالغة 2.74 مليون برميل يومياً، مدفوعاً بالعقوبات الأميركية.

وفي فبراير (شباط) الماضي، بلغ إنتاج إيران النفطي 2.743 مليون برميل يومياً، منخفضاً من 3.813 مليون برميل يومياً للشهر نفسه من العام الماضي، بحجم انخفاض بلغ 1.07 مليون برميل يومياً.

وتوقَّع المحلل النفطي الكويتي، “عدم لجوء الولايات المتحدة الأميركية إلى مد الإعفاءات من العقوبات المفروضة على صادرات النفط الإيرانية، لكن ربما تدرس واشنطن فرض عقوبات إضافية على قطاعات أخرى جديدة من الاقتصاد الإيراني”.

ورداً على سؤال عن تأثير التهديد الإيراني المتواصل بإغلاق مضيق هرمز أجاب، “إن التأثير سيشمل العالم كله، وليس دولاً بعينها، لا سيما أنه ممرٌ إستراتيجيٌّ يمر من خلاله ما يزيد على أكثر من 20 مليون برميل يومياً، ما يجعل النظام الإيراني في مواجهة حيَّة مع جميع دول العالم، لا الولايات المتحدة وحلفاءها”.

عودة الاستقرار إلى ليبيا سيبدأ الإنتاج

من جانبه يرى الخبير في شؤون النفط صادق الركابي، المقيم في لندن، “أنه وعلى الرغم من الانقسام داخل الإدارة الأميركية حول توسيع فرض العقوبات على إيران وتداعياتها على استقرار الأسواق، فإن مجلس الأمن القومي أكد أن فرض مزيد من الضغوط على طهران هو الحل الأنسب لإجبارها على تغيير سياستها في المنطقة، في وقت يرى فريق الخارجية الأميركية أن مزيداً من الضغط قد يضر بحلفاء أميركا نتيجة النقص، الذي سوف يحصل في الأسواق بعد تطبيق العقوبات، التي تصل إلى (تصفير) الصادرات النفطية الإيرانية”.

إلا أن خبراء النفط الأميركي في نقاش لهم أخيراً يرون “لا تأثير على غياب النفط الإيراني على السوق”، إذ إن الفائض الموجود يفوق الطلب بحدود 400 ألف برميل، كما أن الإنتاج الأميركي وصل إلى أعلى مستوى بحدود 12 مليون برميل يومياً، وهو ما يكفي لسد النقص في هذا العام، والعام المقبل”.

ويشير الركابي، إلى “أن العقوبات الجديدة سوف تُنهي مدة الإعفاءات، التي حصلت عليها 8 دول من التعامل مع إيران”، وتوقَّع أن “يتقلص هذا العدد مع إقناع الصين والهند، وهما البلدان الأكثر استيراداً للنفط الإيراني، بأن يحصلا على كميات أكبر من الولايات المتحدة”.

وأكد “أن الحوار (الأميركي – الصيني) حول الخلاف التجاري قد ينتهي إلى (حل) مرضٍ للبلدين، مع تقديم تنازلات تخفف من تشدد الصين الداعم نظام طهران، وتقدم على تفاهمات معها، في الوقت ذاته فإن أميركا بدأت حواراً مع الدول الأوروبية لتقليص اعتمادها على النفط الإيراني، والغاز الروسي، لكي تتعزز العقوبات لفترة أطول”.

من جانب آخر يرى الركابي، “أن الآثار التي سوف تتركها العقوبات على الداخل الإيراني ستكون (كارثية)، بسبب الأزمة المالية التي يمر بها النظام، ونقص السيولة والنقد الأجنبي، إضافة إلى ضعف البنية التحتية، التي بدأت تضعف وتتآكل، وهو ما وجدناه من فشل النظام في معالجة الفيضانات والسيول، التي مرَّت على معظم القرى الإيرانية، إذ لحقت بها أضراراً جسيمة من دون معالجة، إضافة إلى أن توقف إنتاج النفط فترةً طويلةً سوف يلحق ضرراً بالغاً في الحقول، التي قد تحتاج إلى معالجات تقنية، ولفترة طويلة، ولا تستطيع طهران القيام به”.

ويؤكد الخبير الركابي، “أن الإدارة الأميركية تعوّل على استقرار ليبيا مع بوادر حل سياسي قريب، يُنهي الانقسام الحاصل، وعندها يبدأ إنتاج النفط من جديد، وهو ما سوف يغطي النقص أيضاً في الأسواق، مما يعني أن بديل النفط الإيراني موجود، ولا خوف على الأسواق”.

Print Friendly, PDF & Email
Source independentarabia