Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

أربعة أسئلة حول القمة الإقتصادية

جاسم عجاقة: لو كنت وزيرا للمالية

الحدث اللبناني في مطلع العام كان استضافة القمة الإقتصادية والإجتماعية التي اتسمت بانخفاض مستوى التمثيل السياسي العربي. ماذا أفاد لبنان من هذه القمة؟ “صوت الدبلوماسية ” طرحت السؤال على البروفسور جاسم عجاقة إلى جانب 3 أسئلة أخرى.

Print Friendly, PDF & Email

صوت الديبلوماسية | فؤاد حبيقة

الحدث اللبناني في مطلع العام كان استضافة القمة الإقتصادية والإجتماعية التي اتسمت بانخفاض مستوى التمثيل السياسي العربي. ماذا أفاد لبنان من هذه القمة؟ “صوت الدبلوماسية ” طرحت السؤال على البروفسور جاسم عجاقة إلى جانب 3 أسئلة أخرى.

  • ما الذي حققه لبنان من استضافة القمة العربية الإقتصادية ؟

من الأكيد أنه كان هناك هدف رئيسي لهذه القمّة وهو إنعقادها، وهذا ما تحقّق بالرغم من الإنقسام الداخلي والخارجي. إنعقاد القمّة أظهر أن لبنان يتمتّع بثبات أمني وهذا أمر أساسي في الحياة الإجتماعية ولكن أيضًا الإقتصادية والسياسية إذ أن إجتماع وفود 22 بلد عربي في لبنان هو إمتحان كبير لقدرة الأجهزة العسكرية والأمنية في فرض الأمن وضبّطه.

إقتصاديًا، يُمكن القول أن لبنان إستطاع أن يُثبّت موقعه كدولة عربية تطّمح إلى تفعيل التعاون الإقتصادي البيني بين الدول العربية، إلا أن الإنقسام على الصعيد العربي منع وسيمّنع أي ترجمة فعلية لهذه الرغبة اللبنانية.

أيضًا لا يُمكن نسيان تثبيت حقّ لبنان في الدعم الدوّلي لمساعدته في مواجهات التحديات الإقتصادية الناتجة عن النزوح السوري في لبنان وهذا الأمر تمّ تثبيته في البيان الختامي للمؤتمر.

أمّا في ما يخصّ المبادرة الكويتية بإنشاء صندوق لدعم الإستثمارات في القطاع التكنولوجي هو من اكثر الاهداف العملية والتي يمكن الاستفادة منها مباشرة لتوفر الاموال بتأمين نصف قيمة الصندوق البالغ رأس ماله 200 مليون دولار. وهذا الصندوق يُمكن للبنان الإستفادة منه.

إلا أنه وبدون أدنى شكّ، أثبت لبنان أنه بلد يمتلك مبادرات كبيرة لتفعيل التعاون العربي والذي تجلّى من خلال المبادرة التي تقدّم بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول إنشاء مصرف عربي للإنماء والإعمار وهي فكرة تُحاكي الواقع وتدفع، إذا ما تكاتفت الجهود، إلى نهضة لا مثيلة لها في تاريخ الدول العربية. إلا أنه وللأسف تبقى هذه المبادرة رهينة الإتفاق السياسي العربي.

  • ما الذي تم تنفيذه من مقررات القمم الإقتصادية الثلاث التي انعقدت حتى الآن ؟

في قمّة الكويت – أي القمّة الأولى التي عُقدت في 20 ك2 2009، إتفق المشاركون على 28 بندًا تحت عنوان عريض “الإرتقاء بمستوى معيشة المواطن العربي”. ومن بين هذه البنود: مشاريع للربط الكهربائي بين الدول العربية، الربط البري العربي بالسكك الحديدية، ربط شـبكات النقـل البري والبحري والجوي، رفع مستوى تنافسية مرافق النقل العربية، سياسات تحرير خـدمات النقـل، البرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي، الاتحاد الجمركي عبر إزالة القيود الجمركية وغير الجمركية على حركة السلع العربية البينية، إستراتيجية عربية لتحقيق الأمن المائي، برنامج متكامل لدعم التشغيل والحد من البطالة في الدول العربية، برنامج للحد من الفقر، برنامج لتنفيذ الأهداف التنموية للألفية، برنامج تطوير التعليم، تحسين مستوى الرعاية الصحية، كما أن الوضع الإجتماعي والإقتصادي للشعب الفلسطيني. إلا أن أي من هذه القرارات أو البنود بقيت حبرًا على ورق.

في قمة شرم الشيخ – أي القمّة الثانية التي عُقدت في 19 ك2 2011، تمّ الإعتراف رسميًا بعدم تنفيذ أي من مقررات القمّة الأولى لذا تمّ التأكيد على ضرورة متابعـة تنفيـذ قـرارات القمّة الأولى.

في قمّة الرياض – القمّة الثالثة التي عُقدت في 20 شباط 2013، كانت جولة أفق على تنفيذ مقررات القمتين الأولى والثانية حيث لوحظ تقاعس الدول العربية عن تسديد إلتزاماتهم المالية في ما يخص الصندوق الإستثماري لدعم الشركات الصغيرة والمُتوسطة الحجم. وتمّ إعادة التأكيد على ضرورة تنفيذ المقررات، إلا أن الإنقسامات الناتجة عن الربيع العربي أبقت هذه القرارات حبرًا على ورق.

  • كيف يبدو المشهد المالي – النقدي – الإقتصادي للأشهر الستة المقبلة من العام 2019 ؟

المشهد الإقتصادي في لبنان يُراوح مكانه في ظل غياب الإستثمارات كما والإصلاحات الإقتصادية التي تُشجّع هذه الإستثمارات. الجدير ذكره أن النمو الإقتصادي لا يُمكن أن يتحقق إلا في ظل وجود إستثمارات ونمو الإقتصاد اللبناني اليوم – أي ما يوازي

المشهد المالي أكثر غموضًا في ظل إستمرار الإنفاق المُفرط والذي يزيد من طلب الدوّلة على الأموال. هذا الأمر دفع بوكالة موديز إلى تخفيض تصنيف لبنان الإئتماني من B3 إلى Caa1 مع رفع النظرة المُستقبلية. إلا أن هذا التخفيض يبقى محدود التداعيات نظرًا أن فقط 15 مليار د.أ من أصل 84 مليار د.أ دين عام مملوكة من قبل مُستثمرين خارج لبنان. إلا أن هذا لا يعني مُطلقًا أن الوضع المالي العام سليم وبالتالي هناك حاجة مُطلقة لحكومة للقيام بإجراءات أكثر من ضرورية للجم الإنفاق وبالتالي العجز في الموازنة والدين العام.

على الصعيد النقدي، لا مخاوف في الآمد القريب إلى المتوسّط على الليرة اللبنانية نظرًا إلى القدرة الهائلة التي يتمتّع بها مصرف لبنان للدفاع عنها مع إحتياط من العملات الأجنبية يفوق الـ 40 مليار د.أ وإحتياط من الذهب بقيمة 12 مليار د.أ. كل هذا للقول أن الإشاعات التي تصدر من هنا وهناك لها أهداف سياسية أكثر منها حقائق علمية على الأرض. أضف إلى ذلك أن رفع الفوائد الأخير كان له تداعيات إيجابية ثلاثية :

أولًا – الحفاظ على طلب مقبول على الليرة اللبنانية

ثانيًا – منع هجرة رؤوس الأموال من لبنان

ثالثًا – لجم التضخّم الذي وصل إلى مستويات قياسية بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب.

بالمُطلق، يُمكن القول أن الأشهر الست الأولى ستشهدّ مراوحة للوضع الإقتصادي والنقدي، أما الوضع المالي فسيكون محطّ مراقبة من قبل الأسواق نظرًا إلى أن غياب الحكومة يعني غياب الإجراءات الضرورية للجم الإنفاق.

  • لو كنت وزيرا للمالية في اللحظة الحرجة التي نعيش ما هي العناوين الكبرى لخطة عملك ؟

هناك شقين لأي عمل إصلاحي في مالية الدوّلة: على الآمد القصير وعلى الآمد البعيد.

على الآمد القصير هناك حاجة مُلحّة لإصلاحات في الموازنة العامّة لرفع المداخيل وخفض الإنفاق:

أ- إعادة فرض رسوم جمّركية على البضائع المُستوردة من الدول الأوربية والدول العربية وذلك بهدف لجم التصدّع في ميزان المدفوعات. وهذا الأمر مسموح به بحسب قوانين التجارة العالمية ويُمكن أو يؤمّن ما لا يقل عن 1.5 إلى 2 مليار د.أ.

ب- وقف الدفع لكل موظّف جديد في الدوّلة لا يتمّ توظيفه عبر القناة الرسمية أي مجّلس الخدمة المدين وهذا الأمر يسمح بتوفير ما لا يقل عن 450 مليون د.أ سنويًا.

ج- محاربة التهرّب الضريبي والذي يسمح بفرضية التشدّد إلى توفير 10 إلى 2

د- وقف دعم مؤسسة كهرباء لبنان وفتح الباب أمام إعطاء إمتيازات للقطاع الخاص كما حصل مع شركة كهرباء زحلة.

على الآمد البعيد، هناك حاجة لإصلاحات هيكلية كبيرة في مالية الدولة لترشيقها وزيادة فعّاليتها وهذا الأمر يتطلّب تعاون وتعاضد كافة الأفرقاء السياسيين في الحكومة لإصدار قرارات إصلاحية وعلى رأسها محاربة الفساد.

إلا أن الخطيئة الكبرى التي لا يجب إرتكابها تبقى في رفع الضرائب أو المسّ بمعاشات التقاعد لأن في ذلك خطر على الأمن الإجتماعي.

Print Friendly, PDF & Email
Source صوت الديبلوماسية