Prof. Jassem AJAKA
Physicist and Economist

عجاقة: الملفات الاجتماعية للأسف لا تعالج بمنهجية علمية وعدم إقرار السلسلة ليس حلاً ولا يجب القبول به

شكل الفراغ الرئاسي للجمهورية حالة من انعدام الثقة، وعدم الإيمان، بإحراز نصر يسجل في مصلحة الشعب اللبناني، فالكثير من الإستحقاقات باتت تدور في فلك التجاذبات شبه اليومية، دون تحقيق تقدم إيجابي ولو بسيط، فإنعدام الثقة انتجت  حالة من عدم الإتزان للكثير من الملفات. فيما لبنان الغارق في فوضى التطورات الإقليمية عاجز حتى عن معالجة الملفات الحياتية والإجتماعية البسيطة. يقول الخبير الإقتصادي والإستراتيجي البروفسور جاسم عجاقة في حديث خاص شامل للنشرة الإقتصادية تناول أكثر من ملف- أنه وفي ظل عدم إنتخاب رئيس للجمهورية وما له من تدعيات سنشهد حالة من الركود الاقتصادي التي ستحافظ على نمو يُقارب الـ 0.5%، ومن هذا المنطلق، نأمل أن تتمتع الأحزاب اللبنانية بوعي سياسي عالي لتحييد لبنان عن أتون النار الإقليمية-.

Print Friendly, PDF & Email

موقع الإقتصاد / أمين نصر

ما هي الإتجاهات الإقتصادية للبنان في ظل الأزمات الأمنية والسياسية المتلاحقة ؟

مما لا شك فيه أنه وفي ظل عدم إنتخاب رئيس للجمهورية وما له من تدعيات على الانتخابات النيابية، سنشهد حالة من الركود الاقتصادي التي ستحافظ على نمو يُقارب الـ 0.

هناك مراهنة كبيرة، إزدادت في الشهرين الأخيرين، على المعطيات الإقليمية. هذه المراهنة للأسف ستُطيل عمر الأزمة السياسية في لبنان وسيكون لها تداعيات إقتصادية كبيرة خصوصاً مع الفوضى في ملف اللاجئين السوريين الذين أصبحوا عبئ على الاقتصاد اللبناني إجتماعياً (بنقل 170 ألف عائلة من الطبقة الوسطى إلى الطبقة الفقيرة) وإقتصادياً (بزيادة العاطلين عن العمل بـ 324 ألف عاطل عن العمل إضافي).

من هذا المنطلق، نأمل أن تتمتع الأحزاب اللبنانية بوعي سياسي عالي لتحييد لبنان عن أتون النار الإقليمية.

ما هو تقييمك للقطاع الإتصالات خصوصاُ بعض الإصلاحات التي بدأ بها الوزير حرب! وهل تعتقد بأن الجودة تحسنت في قطاع الإتصالات؟ مع العلم بأن البعض ما زال يعاني من الخدمة المتردية لقطاع الإنترنت والهاتف الخلوي معاً؟

الإصلاحات التي قام بها الوزير بطرس حرب هي إصلاحات جيدة وفي الطريق الصحيح، إلا أن حجمها يبقى خجولاً. إذ من المفروض أن يعمد الوزير إلى تطبيق القانون 431 تاريخ2002 والذي ينص على تحرير قطاع الاتصالات. الجودة لم تتحسن بشكل ملحوظ وما زلنا في نطاق مشاكل تقنية سببها الأول قلة الإستثمارات والتي ومع الوضع المتردي للمالية العامة، لن تشهد إرتفاعاً إلا إذا تم إشراك القطاع الخاص في إطار قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص. والجدير بالذكر أن هذا القانون ينص على نقل أصول وموظفي شركة أوجرو كما وعدد من خدمات وزارة الاتصالات إلى شركة إسمها “Liban Télécom” والتي أنشأت بموجب مرسوم من مجلس الوزراء بتاريخ 2005.

وهذه الشركة ستكون المسؤولة عن تأمين كل خدمات الاتصالات عبر الخطوط الثابتة والمحمولة والإنترنت. والأهم في هذا الأمر أن هذه الشركة ستلعب دور المنظم “الموضوعي” الذي سيُعطي، عبر مناقصات بين الشركات الخاصة، رخص تعمد من خلالها الشركات الخاصة إلى تشغيل الشبكة والإسثتمار فيها. كما ويجب التذكير أن القانون 431 تاريخ 2002ينص على أن تكون هذه الشركة مملوكة من قبل الدولة اللبنانية في المرحلة الأولى على أن يتم التخلي عن 4

ما هي الحلول المناسبة لمشكلة شح المياه؟ خصوصاً بعد استبعاد فرضية استيراد المياه من تركيا.

هناك نوعان من الحلول: على الأمد القصير وعلى الأمد الطويل.

على الأمد القصير يجب ترشيد إستهلاك المياه وذلك عبر حملات توعية وهذا ما تقوم به وزارة الطاقة والمياه. لكن هذا الأمر لا يكفي، بل يجب ملاحقة الأعطال على الشركة والتي تؤدي إلى هدر المياه على الطرقات. أيضاً يتوجب ملاحقة المزارعين لترشيد إستهلاكهم للمياه حيث تبلغ نسبة المياه التي تذهب إلى الري 7

على الأمد الطويل يحب إعتماد إستراتيجية يتم العمل فيها من قبل كل الحكومات اللاحقة. وهذه الإستراتيجية تقوم على تحويل ثروة المتساقطات إلى ثروة مائية إذ أن لبنان لا يملك ثروة مائية (معظمها يذهب في البحر)  بل متساقطات. وهناك عدة محاور لهذه الإستراتيجية: إنشاء السدود في أماكن صالحة (موافق عليها علمياً)؛ تغيير نظام الري في لبنان وهذا يتطلب إستثمارات لا تستطيع الدولة القيام بها. من هنا أهمية الشراكة مع القطاع الخاص؛والبحث عن الإستفادة من الينابيع البحرية والتي تم إكتشافها في العام 2010 أثناء البحث عن حطام الطائرة الأثيوبية.

يبدو ان السلسلة لن تقر… ما هي التداعيات الإقتصادية والإجتماعية التي قد تترتب عن عدم إقرارها؟

إن عدم إقرار السلسلة يحمل تداعيات سلبية وتداعيات إيجابية. التداعيات السلبية هي أن شريحة كبيرة من اللبنانيين المتمثلة بالقطاع العام (285 ألف موظف) سترى أن قدرتها الشرائية قلت خصوصاً أن الأسعار إرتفعت منذ إقرار مشروع السلسلة في عهد حكومة الرئيس ميقاتي في العام 2012. وهذا الأمر سيكون له تداعيات إجتماعية من ناحية تدنّي المستوى المعيشي لهذه الشريحة. إلا أن الخبر السار هو أن عدم إقرارها لن يدفع الدولة إلى الإفلاس وسيعفي الاقتصاد من تداعيات تضخمية كانت لتقضي عليه.

لكن عدم إقرار هذه السلسلة ليس حلاً ولا يجب القبول به. من هنا ندعو الحكومة اللبنانية التي لنا ملئ الثقة بها وبمنهجيتها التوافقية، أن تعمد إلى فصل الأسلاك (المعلمين، السلك الإداري، السلك العسكري، السلك الديبلوماسي…) والبدء بإقرار السلسلة لسلك واحد كل عام بدءاً بالسلك الأكثر تضرراً من عدم إقرار السلسلة على أن تُحفظ حقوق الأسلاك الأخرى عبر سندات خزينة تُعطى للموظفي القطاع العام مع فوائد كالفوائد التي تُعطى للمصارف.

ملف قضية المياومين الى الواجهة من جديد ولكن هذه المرة احداثها تتسارع..ما هو الحل العادل والسليم لتلك القضية؟

لا يُخفى على أحد القول أن الملفات الاجتماعية لا يتم إقرارها بمنهجية علمية بل هناك عامل إنتخابي ويتم المزايدة على هذه الملفات من قبل بعض الأحزاب. هناك نظرية في الاقتصاد إسمها “المسافر المخالف”، وهذه النظرية تنص على أنه في كل قطار أو سفينة هناك مسافر على الأقل لم يدفع ثمن تذكرة السفر. الأمر نفسه ينطبق على المياومين: هل كل الميوامين يستوفون شروط إدخالهم إلى الدولة؟ الجواب بحسب نظرية “المسافر المخالف”، لا.

الحل يجب أن يكون قانونياً وليس عاطفياً ولا أحد قادر على القول أن هذا عادل أو غير عادل إلا ضمن إطار القانون.

لكن المُستغرب هو العنف الذي يلجأ إليه المياومون لإيصال رسالتهم وهذا غير مقبول! أين هيبة الدولة؟ أين الأمن الذي تؤمنه للمواطنين والأملاك العامة؟ قضية الميامون مُحقة ولكن يجب درسها كل حالة منفردة.

هل برأيك سنشهد تخفيضات جديدة للتصنيف الإئتماني اللبناني وما هي الأثار التي يتركها التخفيض ؟

لا نعتقد أن هناك تخفيض للتصنيف الإئتماني اللبناني وذلك كنتيجة لعدم إقرار السلسلة. لكن من المحتمل أن يتم تخفيض التصنيف الإئتماني للمصارف اللبنانية خصوصاً أن تعرضها للدين العام في إزدياد مستمر. وهذا الأمر سيكون له تداعيات على مستوى سعر الفائدة التي من المحتمل أن يتم رفعها إذ ما تم تخفيض تصنيف المصارف نظراً لزيادة كلفة التمويل.

ورفع سعر الفائدة سيجلب ودائع على المصارف اللبنانية إلا أنه وللأسف لن يكون لدعم الاقتصاد عبر قروض للقطاع الخاص بهدف الإستثمار بل بهدف الإستهلاك وهذا مؤسف لأن الاقتصاد يقوم على الإستثمار والإستهلاك.

Print Friendly, PDF & Email
Source موقع الإقتصاد