jassemajaka@gmail.com
لبنان بلد منتج للنفط… أسئلة شائعة
مارسل محمد
بعد انتظار دام أكثر من 5 سنوات، دخل لبنان مرحلة محورية جديدة في مشواره النفطي، خصوصاً بعد أن وافق مجلس الوزراء على عرض وزارة الطاقة والمياه تلزيم ائتلاف من ثلاث شركات للتنقيب عن النفط والغاز في الشمال والجنوب.
ومنح المجلس رخصتين حصريتين بموجب اتفاقيتي استكشاف وإنتاج لائتلاف من شركات Total، ENI وNovatek لاستكشاف الغاز والنفط في البلوكين 4 في الشمال و9 في الجنوب. والجدير بالذكر أن شركة “توتال” هي المُشغّل الأساسي للشركتين الباقيتين، وقد أثبتت خبرتها في التنقيب والإنتاج في دول عدة، إضافة إلى مستوى التعاون بينها وبين الشركتين الأخريين. فشركتا Novatek و Total تعملان سوياً في حقول الغاز في سيبيريا كما أن لديهما خبراء في مجال الغاز الطبيعي المسال LNG. ونظراً لخبرتهما الواسعة، يمكن الاعتماد على أسواقهما. كما يمكن الاعتماد على شركة ENI التي تعمل في مصر، باستخدام أنبوب الغاز العربي لنقل النفط والغاز اللبناني إلى مصر ومن ثمّ تصديره إلى أوروبا. من جهته، أعلن وزير الطاقة سيزار أبي خليل، في مؤتمر صحافي أنّ “وزارة الطاقة وهيئة البترول حددتا هدفين لإطلاق دورة التراخيص وقد تم تحقيقهما”، لافتاً إلى أنّ لبنان من الدول القليلة التي توقع نموذج عقد، كما صدر في مرسوم الحكومة من دون أي تعديل، وأنا سأبلغ الشركات بالموافقة”.وفي حديثٍ لـ”النهار” مع المديرة التنفيذية للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز ديانا قيسي، اعتبرت أنّ العروض المُقدّمة من الناحية التجارية والتنفيذية عروض جيدة خصوصاً أنها علنية. وسنشهد على التوقيعات في بداية العام 2018″.
ماذا بعد موافقة مجلس الوزراء؟
إقرار مجلس الوزراء التلزيم، تُعطى الشركات شهراً لتقديم الضمانات والكفالات بحسب دفتر الشروط، وتوقع العقود في بداية 2018 بحسب التوقعات. ثم توضع خطة الاستكشاف خلال 60 يوماً وتُرسل إلى وزارة الطاقة وهيئة البترول. عند الموافقة تبدأ مرحلة الاستكشاف في بداية 2019 والتي تمتد لـ 3 سنوات قابلة للتجديد سنتين ومن ثم سنة. خلال المرحلة الأولى من الاستكشاف (أول ثلاث سنوات) تحفر الشركات بئرين، أحدهما في البلوك 4 والثاني في البلوك 9. وخلال التجديد لمدة سنتين يُحفر بئران إضافيان للتأكد من وجود كميات قابلة للاستخراج وذات مردود تجاري. عندها تقرر الشركة دخول مرحلة الإنتاج وتُبلّغ الحكومة اللبنانية بالأمر. فتوضع خطة الإنتاج والتسويق وتنتظر موافقة مجلس الوزراء. بحسب خطوات إنتاج النفط والغاز يحتاج لبنان فعلياً إلى ما بين 7 إلى 10 سنوات قبل أن يصبح بلداً مُصدراً للنفط والغاز، ما يعني أنّ “الحاجة ليست ملحة حالياً لتشكيل صندوق النفط السيادي” بحسب خبيرة شؤون النفط ومديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا لوري هيتايان. وأكدّت أهمية “بدء النقاشات والدراسات لتشكيل الصندوق كي لا تذهب العائدات هدراً”.
ما هو الصندوق السيادي وما فوائده؟الصندوق السيادي هو صندوق مملوك من قبل الدولة ويتكون من أصول مثل الأراضي، أو الأسهم، أو السندات أو أجهزة استثمارية أخرى. أما فوائده فهي 9 تتقسم على الشكل الآتي:
1- يُقلل من كلفة الاقتراض.
2- يُحسّن من الشفافية والحوكمة الرشيدة.
3- يحد من قوة العملة الورقية (بعد استخراج النفط والاعتماد على إنتاجه).
4- يلجم التضخم في البلاد.
5- يُحسّن النمو الاقتصادي.
6- يُنوّع الماكينة الاقتصادية.7
– يؤمن عدالة اجتماعية أفضل.
8- يحفظ حقوق الأجيال المستقبلية.
9- يلجم الدين العام. لذلك اعتبر الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أنّ إنشاء الصندوق ضروري خصوصاً أنّ دوره اقتصادي وليس مالياً، ورأى إيجابية في فكرة البدء بالعمل على الصندوق بعد استخراج النفظ نظرياً، لكنه يعتبر أنّ إنشاءه اليوم يعطي قوة وثقة للاقتصاد اللبناني. وأشار إلى أنّ الثروة النفطية والغازية في لبنان تبلغ قيمتها 200 مليار دولار أميركي وفقاً لحساباته التي استندت إلى هيئة المسح الجيولوجي الأميركية وإلى أسعار النفط والغاز اليوم.
وبالتالي تبرز أهمية الصندوق السيادي للتأكيد أنّ عائدات النفط والغاز لن تُصرف بهدف تقليص الدين العام على سبيل المثال، بل توضع في الصندوق ويُعهد إلى جهة قادرة على استثمار هذه المبالغ، وعندها يتم تقليص الدين العام من عائدات الاستثمار، وتبقى عائدات النفط ثابتة للأجيال القادمة. ويمكن أن نأخذ تجربة دولة قطر في هذا الإطار، إذ إنّها توقعت مؤخراً أن تكون قادرة على تمويل ميزانيتها كاملة بحلول العام 2020 من عائدات استثمار الصندوق السيادي، ما يعني أنّ الحكومة القطرية ليست بحاجة إلى فرض أي رسوم أو ضرائب على مواطنيها.
منح هذه التراخيص للشركات الثلاث له فائدة اقتصادية كبيرة على لبنان ومواطنيه، تبدأ بخلق فرص عمل جديدة، خصوصاً بعد أن اشترطت الحكومة بأن تعود نسبة 80 في المئة على الأقل من الوظائف إلى اللبنانيين خلال فترة الحفر وغيره، إضافة إلى التعامل التفضيلي للموردين والمتعهدين اللبنانيين. وختاماً تأمين مصدر محلي للطاقة أقل كلفة وتلويثاً، علماً أنّ كل معامل الكهرباء تعمل على الغاز، باستثناء معملي الذوق والجية. حلم يراود اللبنانيين طال انتظاره بأن نصبح بلداً منتجاً للنفط يعود بفوائد اقتصادية واجتماعية. ولكن هل يمكن أن تتحقق ايجابياته في ظل المحاصصة السياسية التي نعيشها؟